زغرتـا ــ فريد بو فرنسيسلا يخفي أهالي مجدليا تخوّفهم من الاجتياح العمراني الحاصل في منطقة حارة الجديدة، ومن نتائجه السلبية عليهم بعدما ارتفع عدد سكانها من ألف نسمة إلى ثلاثين ألفاً، وعدد مساكنها من مئة مسكن إلى ألف، في غضون سنوات.
«حتى الأمس القريب، كانت الحارة مختلفة كثيراً عما هي عليه اليوم»، يقول المواطن ريمون حنا، «فقد كانت مجرد حارة صغيرة من حارات بلدة مجدليا، يسكنها عدد محدود من المواطنين في منازل شيّدوها على أرضهم». إلّا أنّ ما شهدته منذ أقلّ من خمس عشرة سنة، مثّل فورة عمرانية ضخمة جعلت منها منطقة سكنية بامتياز.
لكن المفارقة تكمن في أن أصحاب هذه المشاريع، ليسوا من بلدة مجدليا أو من حارتها الجديدة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الأشخاص القاطنين في تلك الأبنية. هؤلاء قدِموا بمعظمهم من مناطق القبة، طرابلس، المنية، الضنية وغيرها من المناطق الشمالية، فتحوّلت تلك الحارة الهادئة المتواضعة إلى منطقة سكنية تحيط بها المحالّ التجارية من كلّ النواحي، وباتت تمثّل سوقاً كبيرة يقصدها الناس من كلّ قرى قضاء زغرتا. ويؤدي مرور السيارات على طريقها الرئيسي، وخصوصاً أثناء خروج الطلاب من مدارسهم، إلى زحمة سير خانقة في ظل غياب شرطة البلدية.
هذا التمدد العمراني بات يمثّل عبئاً ثقيلاً على بلدية مجدليا، وخصوصاً من النواحي البيئية. ويقول نائب رئيس البلدية ريمون الجوخدار إن «البلدة أصبحت كبيرة اليوم قياساً على ما كانت عليه في السابق. لقد تخطى عدد السكان فيها ثلاثين ألف نسمة بعدما لم يكن يتعدى في السابق ألف نسمة. كما أن الوحدات السكنية تخطت ألف وحدة بعدما لم تكن تتعدى مئة، ولم يعد باستطاعة البلدية تحمّل أعباء تلك التبعات». يضيف: «كلّ شيء تغيّر في البلدة إلا البنى التحتية فقد بقيت على حالها. المشاريع الكبيرة التي نشهدها، بدأت تولّد الأزمات، وخصوصاً من النواحي البيئية، إذ أصبحت مشكلة مياه الصرف الصحي تمثّل خطراً بيئياً حقيقياً على الأهالي، لأنها لا تزال كما هي منذ عام 1968». ويوضح أن الشبكة صغيرة جداً «لا تستوعب المياه الآسنة للمشاريع الكبيرة في البلدة، وخصوصاً أن جميع شبكات الصرف الصحي أصبحت موصولة على هذا الخط الذي لا تتعدى دائرة قطره 20 سنتمتراً، وهو أمر بدأنا نرى نتائجه السلبية عبر تفجّر عدة قساطل من الشبكة في عدة أماكن عامة، وحتى داخل المنازل. إلى ذلك فإن البلدية بجهازها الحالي غير قادرة على جمع النفايات من أمام المنازل، فكيف إذا واجهتها مشكلة مثل تحديث شبكة مياه الصرف الصحي».
وكشف الجوخدار عن كتب سوف ترفع إلى الوزارات المختصة، بالتنسيق مع قائمقام زغرتا بالتكليف، إيمان الرافعي، للإسراع في معالجة مشكلة شبكة الصرف الصحي أسوة بباقي المناطق والبلدات التي تقوم الدولة فيها بتحديث شبكات الصرف الصحي ومياه الشفة «لأن القدرات المادية للبلدية غير كافية للقيام بمشروع كبير على هذا المستوى».


استقطاب الطوائف

ليست حارة الجديدة إلّا واحدة من الحارات المولودة من رحم بلدة مجدليا التي توسعت كثيراً خلال السنوات الماضية إثر تشييد أبنائها منازل على أراضيهم الخاصة بعدما ضاقت بهم البلدة التي تعدّ امتداداً لمدينة زغرتا. تحوّل حارة الجديدة إلى منطقة سكنية مكتظة، جعلها تتميز باستقطابها مواطنين من مختلف الطوائف، كما جعلتها المشاريع العمرانية المتعدّدة محط أنظار الكثيرين من الذين يأتون إليها من مناطق بعيدة لتملّك الشقق والسكن فيها، وهذا ما يجعل إحصاء عدد سكانها صعباً جداً، وكذلك تأمين حاجاتها من جانب البلدية.