صيدا ــ خالد الغربيتحوّلت مدينة صيدا، التي احتضنت أمس صورَ الشهيد معروف سعد بمناسبة الذكرى 34 لاغتياله في 26 شباط 1975، إلى معرض يؤرخ حياة الراحل ونضالاته. في صورة نجدها على رأس تظاهرات مطلبية، وفي مكان آخر على رأس مقاتلين عند حدود فلسطين، ونراه في صورة ثالثة جالساً القرفصاء مع عمال يتناولون صحن المجدرة.
لا تحكي هذه الصور أكثر مما يتداوله أبناء صيدا عن زعيمهم الراحل. في ميناء الصيادين يشير أحد رياس البحر، السبعيني أبو سمير القرص إلى القلعة البحرية قائلاً «معروف القلعة جايينا» قبل أن يبدأ حديثه عن بطولات الرجل «الذي هوى كالمارد لحظة إصابته برصاص الغدر السلطوي». بطولات يصفها «بنضالات الزمن الجميل الذي نفتقده ونفتقد رجالاته». نعم تغيّر الزمن يقول أبو سمير، لكن «اللي بغيّر جلدو بموت بعلّته، لن أخون الأمانة والمبادئ التي علمني إياها أبو مصطفى. الانحياز إلى الفقراء والدفاع عن المظلومين ومبادئ الوطنية والعروبة». يضيف: «كنا ندخل منزله من دون استئذان ومتى نشاء، صدّقوني كنا ندخل غرفة نومه ونقول له قوم يا معروف في مشكل فيسارع إلى الالتحاق بنا».
يتذكّر أبو محمد المصري سعد «كلما ضاقت بنا سبل الحياة». يرمي بيمين الطلاق «إذا كان ما سأقوله مبالغاً فيه»، لأن سعد كان عن جدّ بطلاً بكل المقاييس. يروي كيف ألقى نفسه مرة في البحر الهائج لإنقاذ صيادين قرب الميناء، وكيف قلب ذات يوم سيارة الدرك وسط المدينة عندما كانت السلطة تحاول القبض على متظاهرين دفاعاً عن فلسطين، وعن اقتحامه «قشلة صيدا لتأديب قائد الجندرمة التابعة للانتداب غير عابئ بالرصاص المنهال عليه ولا بإصابته، وعندما وصل إلى مكتب القائد صفعه لأنه أهان المواطنين الصيداويين». ويخلص المصري إلى القول إن السلطة اغتالت معروف «لأنه وطني، وما بدن وطنية بها البلد بدن الرجعية».
أما أبو عماد السعودي فيروي أنه كان شاباً عندما علّمه معروف امتشاق السلاح قائلاً «فلسطين بحاجة إليكم جميعاً من أجل تحريرها». ويصف السعودي معروف سعد بـ«الهمشري، الذي كان يحترم الناس ويدافع عن حقوقهم حتى الموت. إنه صوت الشعب، معروف سعد بيرعد رعد» يختم المصري بهذا الهتاف وكأنه يشارك في تظاهرة يتقدمها الزعيم الراحل. من جهته، يتمنى محمود حمزة، الشاب الذي ولد بعد 15 عاماً من اغتيال سعد، وكان يشارك مع مجموعة من الشباب برفع صور الراحل، «لو أن معروف كان حياً»، إذ يعتبره «المعنى الحقيقي للزعامة الشعبية التي تبنى على أساس النضال المطلبي الاجتماعي، والنضال الوطني، وليس كما هو سائد اليوم حيث يرتكز بناء الزعامة على النفوذ، صار كل واحد معه شوية مصاري بصير زعيم».