مهى زراقطقبل أربعة أشهر، عُقدت ندوة في بيروت تحت عنوان «عاملات المنازل الأجنبيات وحقوق النساء: معاً لبلوغ قواسم مشتركة». يومها، ارتفع الصراخ في فندق الكومودور بين بعض المشاركات، ما أدى إلى انسحابهنّ منها. أما النقاش الذي دار بين المشاركات اللواتي بقين، فلم يخلُ من حدّة بسبب التناقضات التي تحكم مقاربتهن لموضوع العاملات الأجنبيات.
رغم ذلك، لم ييأس منظمو الندوة الأولى. وكما وعدوا، دعوا إلى طاولة مستديرة للنقاش عُقدت أمس في البيت العلماني. «مجموعة الأبحاث للتدريب والعمل التنموي» التي تولت توزيع الدعوات، أشارت إلى أن هذه الندوة تمثّل متابعة لعمل سابقتها، لكنها لم تشر إلى أن عدد الجمعيات المشاركة تضاءل. وحدهما «كفى عنف واستغلال» و«هيومن رايتس ووتش» كانتا حاضرتين، في غياب أي جمعية نسائية لبنانية يفترض أن التحرّك يهدف إلى التشبيك معها.
لكن قاعة الاجتماعات في البيت العلماني غصت بالحضور. سيدات أجنبيات من مختلف الدول التي تأتي منها عاملات الخدمة المنزلية حضرن الاجتماع وعرضن المشاكل التي يعانين منها في لبنان، ولم يشفع لممثل «هيومن رايتس ووتش» في لبنان نديم حوري عرضه لتفاصيل عقد العمل الموحد الذي سيبدأ العمل به مطلع آذار المقبل (الأخبار العدد 749). وبدا لافتاً أن أياً من الإنجازات التي يفترض بعقد العمل أن يكون قد حققها لم تثر اهتمام إحداهن. نعيمة، التي بدأت مثلاً بكتابة بعض بنود العقد على دفترها الصغير، توقفت عن ذلك بعد تسجيل بندين فقط، وانتظرت دورها لتنقل معاناة جزء من مواطناتها اللواتي يتعرضن للتوقيف في السجون. تقول بإنكليزية ممتازة، وبصوت لا يخلو من ارتجاف: «كلّ جريمتهن أنهن لا يملكن أوراقاً ثبوتية. يُنقلن إلى طرابلس وزحلة بحيث يصعب على أحد زيارتهن ومساعدتهن، وحتى توفير الطعام لهنّ». وتحكي سيدتان إثيوبيتان عن تجربتيهما في احتضان فتيات هربن من أرباب عملهنّ بسبب سوء المعاملة، مشيرتين إلى مشكلة عدم وجود ملاجئ تحتضن الفتيات اللواتي يتعرضن لمشاكل.
يمكن القول إن هذه المشكلة احتلت الجانب الأبرز من النقاش الذي استمر ساعتين ونصف، قبل أن يستمع الحاضرون إلى قصة أنجلينا. السيدة السودانية التي استمعت إلى معاناة أجنبيات من إثيوبيا، الفيليبين ومدغشقر، قالت إن معاناة مواطنيها السودانيين في لبنان مختلفة تماماً «لأنهم يأتون إلى لبنان بطريقة غير شرعية». تضيف: «نحن هاربون من الحرب في بلادنا، وإذا ألقي القبض علينا لا يوجد ما يحمينا، إضافة إلى أن السودانيين هنا ليسوا أفراداً، بل عائلات». وتشير أنجلينا إلى أن مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة لا تعترف بكل الحالات التي تلجأ إليها.
إلى هنا، يمكن القول إننا لم نسمع جديداً، وإن كلّ الحالات التي عرضتها السيدات ليست أكثر من تأكيد لعدم وجود تحسّن في المعاملة التي يتعرضن لها. إلى أن تحدثت «أيمي»، فيليبينية، عن رشوة يتقاضاها عناصر من قوى الأمن الداخلي لكي لا يقبض على فتيات أجنبيات لا يحملن أوراقاً ثبوتية. تؤكد أنجيلينا كلامها، وتذهب أكثر من ذلك حين تضيف أن بعض القوى الأمنية بات يعتقد أن السودانيين في لبنان يملكون المال لأنهم غالباً ما يوافقون على الدفع «وقد يصل المبلغ إلى 300 دولار أحياناً، ندفعها خوفاً من دخول أطفالنا إلى السجن».
بناءً على هذا النقاش، حاول المنظمون تحديد أبرز النقاط التي يجب العمل عليها لتفعيل الاهتمام بهذه القضية، أبرزها إثارة موضوع التوقيف الاحتياطي الذي يستمر شهوراً من دون أي تهمة.


إحياء ليوم المرأة

لكي يترافق الكلام مع العمل، اتفق المجتمعون على التحضير لنشاط يتزامن مع يوم المرأة العالمي في 8 آذار المقبل. وللغاية، يعقد اجتماع تنسيقي عند الساعة الرابعة بعد ظهر الاثنين المقبل في مكان لم يُتَّفَق عليه بعد. ويتوقع أن يكون محور هذا النشاط مرتبطاً بحقوق العاملات الأجنبيات في لبنان انطلاقاً من الحوادث المأساوية التي يتعرضن لها من محاولات انتحار أو وفاة خلال الهرب.
من جهة ثانية، دعت جمعية «الإيمان المتبادل» إلى حضور مهرجان «kingdom Fiesta 2009» الذي تشارك فيه سفارات دول الفيليبين، إثيوبيا، غانا، نيجيريا، سيريلانكا، مصر وأميركا. يقام هذه المهرجان مساء أيام 6، 7 و8 آذار المقبل من الساعة السابعة حتى التاسعة والنصف مساء كل ليلة في مبنى نقابة الأطباء.