جوان فرشخ بجاليوقفت فرقة موسيقية أمام أبواب متحف بغداد نهار الاثنين الماضي، وانتظر الموسيقيون وصول رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ليقرعوا الطبول وينفخوا الأبواق. يفترض أن يكون الاحتفال لإعادة افتتاح متحف بغداد. ذاك هو الخبر الذي تناقلته وسائل الإعلام، ولكن الحقيقة مغايرة لهذا بعض الشيء. فأبواب المتحف أقفلت بعد رحيل الشخصيات السياسية العراقية والأجنبية. وحفل الافتتاح لم يكن في الحقيقة إلّا عملية فتح أبواب المتحف لساعات أمام زوار دخلوا ليروا معرضاً من بعض التحف والقطع الأثرية العراقية المستردّة. فذاك الحفل الضخم إنما كان «عملية توافق» بين الوزارات العراقية المختلفة. وفي مطلع الشهر الجاري أعلن وزير السياحة، قحطان الجبوري، افتتاح المتحف دون إعلام العاملين فيه، وحينما اعترضت المديرة على القرار أقالها الوزير من منصبها. فتدخلت وزارة الثقافة مؤكدة أن المتحف يقع تحت إدارتها ويعود إليها الحق في قرار فتحه أو إغلاقه، وألغت حفل الافتتاح. ما دفع بإدارة المالكي إلى إيجاد حل توافقي بين الوزارتين، وتحوّل المتحف الوطني إلى ألعوبة بين أيدي السياسيين. فكان القرار بالتحضير لمعرض للقطع المستردة (بعد سرقة المتحف سنة 2003) وفتح ثمانٍ من قاعاته الـ26 أمام الزائرين في هذا اليوم. فتوافد الحاضرون من سياسيين وإعلاميين وشخصيات عراقية بارزة وسط حراسة أمنية مشددة. طائرات الهليكوبتر جابت الأجواء، وأُغلقت الطرقات المؤدية إلى المتحف فيما بقيت القوات المتمركزة على السطوح في حالة تأهب. وتشارك الجميع فرح «حفل الافتتاح» الذي رأى المالكي أنه تأكيد على أن «موجة الرياح السوداء التي ضربت البلاد بدأت تنحسر». آملاً أن «يكون المتحف في مقدم المتاحف العالمية».
وبينما تناولت وسائل الإعلام الحدث من دون التأكد مما إذا كان افتتاحاً لمتحف دائم أو معرضاً موقتاً كشفت كل من جريدتي «الكريستشن ساينس مونيتور» و»النيويورك تايمز» حيثيات الموضوع. وأكدت أميرة عدن في مقابلة في «كريستشن» «أنه يمكن تسمية الحفل معرضاً للقطع المستردة من الدول المجاورة وتلك البعيدة وصولاً إلى البيرو». ولفت مراسل التايمز في مقالته «إلى أن المتحف لا يزال يفتقد أجهزة الإنارة والتهوية والتدفئة ونظام المراقبة، والفريق العامل فيه بقي معزولاً عن العالم المهني المحترف عقوداً».
وفي تموز 2003 كان قد جرى افتتاح القاعات الأشورية للمسؤول الأميركي الإداري في العراق في تلك الفترة بول بريمير تأكيداً من القوات الأميركية في حينها أن كنوز نمرود لم تُنهب. اليوم، تؤكد السلطة العراقية أن الوضع إلى تحسّن، والصرح الثقافي الأهم في العراق بخير، فالوطن بخير أيضاً.