سالم صالحالأخ أبو اللطف، تحية الثورة والنضال. أتحدث إليك من خلال موقعك ورمزيته، لا من خلال شخصك ومواقفك، فهي منذ القدم، متّصفة بصفة الميوعة السياسية... وبقدر ما هي قوية وصادقة على المنابر، إلا أنها مائعة لحظة اتخاذ القرار الحاسم.
لفت نظري تصريح لك تندد فيه بمواقف الأنظمة العربية المتخاذلة والداعمة للعدوان على الشعب الفلسطيني. لم أستغرب ذلك، عندما قرأت اسمك، لكن الغرابة في ما تمثل من موقع جدير باتخاذ القرارات المصيرية بشأن فلسطين وشعبها... أنسيت أم أذكّرك؟
قبل أن يسلم ياسر عرفات أمانته الروحية للخالق الجليل... سلّمك أمانة القضية التي ناضل من أجلها طوال حياته حتى الممات... كنتما اثنين ممّن بقوا من العشرة البررة الذين كوّنتم الخلية الأولى لحركة «فتح»، أنت ومحمود عباس. ولأنه يعرف محمود عباس كما تعرفه أنت، فقد تركه يرتع في ملعب السلطة التي مثّلت، عبر تاريخه، هدفاً لم يحد عنه لحظة. إلا أن عرفات، عندما بحث في تسليم الأمانة الحقيقية وراية «فتح»، حملها إليك لكون «فتح» ديمومة الثورة والعاصفة شعلة الكفاح المسلح.
منذ ذلك التاريخ وقفت على هامش الأحداث، علماً بأنك كرئيس للحركة، تمتلك الصلاحيات اللازمة لإحداث التغيير اللازم لاستعادة «فتح» ودورها من براثن عباس ودحلان، ولا أعتقد أن عرفات سلمك الأمانة إلا لهذا السبب، فكيف ستلقاه وماذا ستقول في الأمانة وما أضحت إليه؟
أيها الأخ القائد، هي واحدة من مفاصل النضال الفلسطيني وواحدة من محطاته، وسواء استسلمت «حماس» أو انتصرت، أو عادت للعمل تحت الأرض، فالأمر سيان. فمشكلة فلسطين ستبقى قائمة ما لم تجد لها حلاً نهائياً يقضي بعودة الحقوق الكاملة لشعبها. وهي ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي يقف هذا الشعب العظيم في مثل هذه المحنة منذ عز الدين القسام حتى اليوم. إلا أن التاريخ والسياسة بفذلكتها الثورية، يشيران إلى أن الطليعة هي القوة التي تستفيد من اللحظة الراهنة بكل مآسيها لاستنباط القرارت اللازمة بهدف تجاوز الأزمات وتحويل مشروع الهزيمة إلى انتصار، وأنت لست بالمستجد على ساحة العمل السياسي، وتتفهم حقيقة أن الوضع اليوم يمر بأزمة غاية في الدقة، وتحتاج إلى رجال وأطر ومقررات تنتشل الجرة المتشققة دفعة واحدة من البئر، من دون أن يسيل ماؤها، ولا بد من أنك تذكر هذه الجملة للشهيد القائد ماجد أبو شرار.
أخي يا ابن فتح، منذ الاجتياح الصهيوني للبنان عام 1982 و«فتح» بوابة حوار الطرشان مع سلام العجز والتفريط. حتى أوسلو التي كنتَ من أشد الرافضين لها وصولاً إلى اللحظة الراهنة، تراجعت «فتح» عن دورها الريادي في قيادة سفينة الثورة، فاهتزت ركائز النضال وركبت قرودها مكان أبطالها. واليوم، أعود لأؤكد أن مسؤولية عظيمة تقع على عاتقكم، وسيحاسبكم عليها الله والشعب ودماء الشهداء. أليس هناك من مشروع جدي يسعى لاستعادة روحية الثورة في الجسد الفتحاوي وترميم بنيانه؟ أليس هناك من عمل يؤطر لاستنهاض الوضع واستعادة زمام المبادرة؟
ما العمل؟ سؤال مطروح اليوم بكل جدية على بساط التحرك الفاعل والمجدي لرأب الصدع في الساحة الفلسطينية واستعادة الهيبة والقرار الوطني الحر، لذا أطالبك باسم كل حر ووطني شريف بما يأتي:
ـــ الدعوة لعقد مؤتمر وطني فلسطيني عام تحضره الفصائل الفلسطينية من دون استثناء، وممثلون عن التجمعات في الشتات، يستهدف إعادة الاعتبار للفقرة المشطوبة من الميثاق الوطني الفلسطيني بشأن الكفاح المسلح باعتباره الوسيلة الوحيدة لتحرير فلسطين، على أن يمثّل استعادة هذه المادة برنامج العمل الوطني وينتج على أساسه تأليف لجنة تنفيذية لمنظمة التحرير من أجل استعادة المرجعية الثورية الحقة من يد سلطة الرجس
والفجور.
ـــ الدعوة لعقد مؤتمر عام لـ«فتح» لإنتاج لجنة مركزية تمثل طموحات الشعب الفلسطيني، واستعادة هيبة الكفاح المسلح وسلطته طريقاً حتمياً وحيداً للتحرير، ونبذ المارقين عليها من أمثال دحلان وبطانة السوء.
أيها الأخ القائد، هي الطريق الوحيد والمسلة اللازمة لرفع راية التحرر مجدداً، وإعادة اللحمة للجسد النضالي للمقاومة الفلسطينية، واستعادة حركة «فتح» من براثن الذئاب. وسواء أفلحت هذه الخطوات أم اعتراها شيء من الضعف، فلا بد ستكون أفضل حالاً من الوضع الذي يعتري قضيتنا ويخفف من مآسي شعبنا ويحمي حقوقه.
ألا هل بلّغت اللهم فاشهد... والنصر دائماً حليف الجماهير المناضلة.
وإنها لثورة حتى النصر.