كان اللبنانيون يشاهدون صور الإرهاب على التلفاز، قبل أن يختبروا بشاعته بأنفسهم. قد يتساءلون: من أين يأتي الإرهاب، وكيف يدخل أهله إلى لبنان؟ أمس، افتتح وزير الداخلية، زياد بارود، مركزاً في المطار لتدريب الأجهزة على «مكافحة الإرهاب» بتعاون فرنسي
أحمد محسن
لا يمكن المدنيين العاديين الحصول على ردود منطقية على أسئلتهم المتكررة دائماً عن التفجيرات الأمنية التي تحصل بين الحين والآخر. لكن من السهل عليهم، عدّ المطار المدني الوحيد في لبنان، البوابة الأبرز التي تؤدي الى أعماقه. الأهم من ذلك، أنه حين ترتبط الأحداث بالإرهاب، ينسى المواطن العادي التشابك المحلي بين الأمن والسياسة. قررت الدولة اللبنانية، أخيراً، تدعيم الأمن هناك في المطار. وأول الغيث في هذا المجال كان أمس، داخل إحدى قاعات مبنى التفتيش في داخله، حيث افتُتح مركز التدريب على الأمن، بحضور المسؤول عن أمنه العميد وفيق شقير. بدا كل شيء روتينياً، قبل الافتتاح الرسمي في الحادية عشرة صباحاً. افترشت فرقة الموسيقى في قوى الأمن الداخلي مدخل القاعة، وأدت بعض التمارين المتعبة منذ التاسعة. إلى جانبها، اصطفت مجموعة من بعض عناصر قوى الأمن الداخلي، لإضفاء المزيد من البروتوكل، وخصوصاً أن الجمهورية الفرنسية ستشارك في الافتتاح ممثلة بسفيرها.
لفت السفير الفرنسي، أندريه باران، في كلمته أن المشروع هو عنصر بسيط، ينضوي في إطار مشروع فرنسي متكامل لـ«دعم جميع الإدارات التي تتدخل في مطار بيروت»، حرصاً على أمن المسافرين. أفرط السفير الفرنسي في البروتوكول، كذلك أفرط المنظمون فيه. ففيما كان السفير الفرنسي يعبّر عن «خالص امتنانه» للجنرالين ريفي وشقير، لدعمها المشروع الذي يمثّل عنصراً مدنياً أساسياً في تطبيق القرار 1701، كان أحد رجال الأمن يرمي أحد المصوّرين على الحائط، حين فتح كلتا يديه محاولاً تنظيم حركة الدخول والخروج من القاعة. كان تصرف رجل الأمن عفوياً، ولم ينتبه إليه كثيرون كانوا يركزون على كلمة السفير. أوضح الأخير، أن كلفة تمويل هذا المشروع بلغت مليوناً ونصف مليون يورو، وُضعت بتصرف أحد الجنرالات الفرنسيين، الذي سيبقى في لبنان لثلاثة أعوام. استفاض السفير الفرنسي في شرح الجزء الخاص بآلية التدريب، فأشار إلى إعداد أحد المباني الموجودة، أسهمت مديرية الطيران المدني بتقديمه. في السنوات الثلاث الآتية سيتدرب فريق لبناني مؤلف من 16 مدرباً اختارتهم لجنة تحكيم متخصصة، من أصل 40 مرّشحاً. حيّا باران المدربين، وأعلن أنهم سيتلقون تدريبات لمدة 14 أسبوعاً بين لبنان وفرنسا، ينالون في ختامها شهادة تمنحهم إياها المدرسة الوطنية للطيران المدني في مدينة تولوز (الشريكة في المشروع). بدوره الوزير زياد بارود، بدأ من حيث انتهى السفير الفرنسي، شاكراً «الدعم الفرنسي المستدام للبنان». ووضع بارود ثقته بالأجهزة اللبنانية، لرفع مستوى الجهوزية الأمنية في المطار، واستغل الفرصة لتوجيه التحية إلى جميع مديري الأجهزة الأمنية الرسمية، ولا سيما المدير العام للطيران المدني.
من المفترض أن يوفر المشروع تدريباً عاماً لجميع الموظفين في المديريات الكبرى، فور مباشرة العمل. تالياً، ستساعد هذه التدريبات في الحفاظ على أمن المطار، بالإضافة إلى دورات تدريبية أكثر تخصصاً، في مجالات متعددة، كالتوثيق ونزع الألغام. المثير في الأمر، أن المركز «يمكن أن يكون جزئياً مقراً لتدريب المراكز الحدودية الأخرى»، كما أشار السفير الفرنسي، الذي عبّر عن اهتمامه بالبرامج الرامية إلى مراقبة الحدود الشمالية أيضاً.

سوء تفاهم بروتوكولي

بعد لحظات قليلة على ترحيب عريف الحفل بالحاضرين (العميد إيليا عبيد قائد سرية درك المطار)، انسحب اللواء وفيق جزيني بصورة مفاجئة، فلحقه اللواء أشرف الريفي على الفور، ليعود الأخير وحيداً في أقل من دقيقة. وسرت تمتمة بين الحاضرين مفادها أن المدير العام للأمن العام أبدى انزعاجه عن عدم ذكر اسمه ومؤسسته، من بين أسماء الشخصيات المرّحب بها. بيد أن عريف الحفل، حاول الإيضاح للوزير بصوتٍ خافت (لكنه بدا مسموعاً للجميع في القاعة) أنه شمل مؤسسة الأمن العام بقوله «لجنة السهر على الحدود»، قاصداً مؤسستي الأمن العام والجمارك. لم يرغب اللواء جزيني بالتعليق على الحادثة إعلامياً، لكن مصادر مقرّبة منه، أوضحت لـ«الأخبار» أنه استأذن الوزير بارود قبل رحيله، وأكدت المصادر أن جزيني عدّ ما حصل «مجرد سوء تفاهم بروتوكولي»، من دون ذكر أي تفاصيل أخرى.
تجدر الإشارة إلى أن سوء التنسيق البروتوكولي، كان قد بدأ في الأول من الأمس، حين عممت وزارة الداخلية على وسائل الإعلام موعد الاحتفال ومكانه، فيما عاودت قوى الأمن الداخلي الاتصال بالإعلاميين ذاتهم، ما ظهر على أنه مشكلة بروتوكولية في إدارة الحدث.


عناصر المشروع الرئيسية

يتكون مركز التدريب على الأمن في مطار بيروت، من 5 عناصر أساسية، هي: عنصر التدريب، إقامة وحدة كلاب مدرّبة لاكتشاف المخدرات والمتفجرات، إقامة وحدة لنزع العبوات الناسفة، عنصر تعزيز قدرات الإنقاذ البحري، وأخيراً عنصر الاتصالات. هذا وقد اختير المدربون اللبنانيون من مختلف الأجهزة الأمنية.