كارين عبد النورPopeye، من منّا لم يسمع بهذه الشخصية وبعبارتها الشهيرة « أنا هو أنا، وهذا كل ما أنا»؟
آكل السبانخ، صار شخصية عامة، وقد ذكرت صحيفة «لو موند» الفرنسية أنه منذ مطلع العام الجاري أصبحت صورة البحّار الأكثر شهرة على الأرض ملكاً لجميع الأوروبيين. ويعني هذا القرار أنه من الآن فصاعداً بات من حقّ الجميع في القارة العجوز استخدام صورة popeye دون إذن أو شرط، وذلك بعد مرور 70 عاماً على وفاة صانع الشخصية الكاتب والرسام الأميركي السي كريسلر سيغار، وهي المدّة التي تبقى فيها الحقوق، بحسب القوانين الأوروبية، ملكاً لصاحبها بعد وفاته.
هنا تُطرح إشكالية أخرى تتعلق بمعضلة استخدام علامة popeye التي كانت السبب الرئيس في شهرة الكثير من المؤسسات. فوكالة «كينغ فيتشورز سينديكايت» تبذل المستحيل للحفاظ عليها. لماذا؟ لأن العملية تستحق العناء. فهذه العلامة كفيلة بزيادة المبيعات بقيمة 1.5 مليار دولار أميركي سنوياً، الأمر الذي يعني أن البحّار لا يزال نجماً عالمياً.
وبالعودة إلى سيغار، فقد استوحى شخصياته من مرحلة شبابه التي أمضاها في شستر (إلينوي)، حيث كان يعمل في رسم اللوحات الإعلانية ويساعد في بث الشرائط المصورة. ومن الشخصيات التي ابتكرها ويمبي (المولع بالهامبرغر)، وسويبي (ابن popeye بالتبني)، وأوجين (الاسم الشهير لسيارته).
ويعود رواج popeye إلى الشخصية بحد ذاتها. صحيح أنه يبدو قبيح المظهر بفكه وعينيه المنهكتين وساعديه المشوّهين، لكنه شجاع، ومغامر، ومستعدّ دوماً لمحاربة الأشرار، إضافة إلى إشادته بمجتمع تغلب فيه المساواة، بحيث تتوزّع الأرزاق فيه على الجميع، ولا سيما متوسطي الحال منهم. ولا يقتصر هذا المجتمع على هذه المزايا بل يتعداها لتشمل التعاطي البسيط والعفوي بين أفراده.
ورغم أن popeye وُلد مع أزمة الكساد العظيم سنة 1929، فقد تمكّن من تجسيد صورة البطل التي استقطبت أنظار الأميركيين أولاً، ومن بعدهم بقية الشعوب التي كانت ضحية مصاعب الثلاثينيات وأسيرة القلق من تنامي الفاشية. تجدر الإشارة إلى أن هذه الظاهرة لم تنجُ بدورها من سخرية سيغار بشكل غير مباشر من خلال قصص popeye.
القوانين الأميركية تستوجب الانتظار حتى عام 2024 لتكرار الخطوة الأوروبية. فحقوق النشر في بلاد العم سام تحفظ حقوق صاحب الشخصية لمدة 95 عاماً من تاريخ إطلاقها. وحتى ذلك الحين، لا يسعنا سوى تهنئة البحّار المحارب، الذي لطالما مثّل رمزاً للوعي الإنساني الصحيح، ببدء مسيرة التحرّر من
القيود.


أسطورة popeye

يتفاءل المنتجون عادة بشخصية
البحار الشجاع، ويلجأون إليها لمضاعفة مبيعاتهم. فقبل وفاته عام 1938 كان سيغار ثرياً، وكانت شخصية البحّار تعود عليه بأكثر من 400 ألف دولار سنوياً


المسيرة مستمرة

بعد وفاة سيغار تابع الكثيرون
مسيرته، واستثمروا بحّاره، أبرزهم دوك وينر وباد ساغيندورف، فأضافوا إلى قصص البحّار تفاصيل من الحياة اليومية كشغف اللعب، إلى فقدان الشهية والعنف المدني