يختلف المؤرخون في تحديد تاريخ ولادة فاطمة إبراهيم البلتاجي، لكن جميع التقديرات تلفت إلى أنها رأت النور في بدايات القرن العشرين. إنها الشابة التي ستهجر محافظة الدقهلية برفقة والدها مؤذّن قرية «طماي الزهايرة» لتطرق أبواب قاهرة المعز، وتصير سيدة الغناء العربي، وتُعرف في كل أصقاع الأرض باسم «أم كلثوم». حفرت أم كلثوم اسمها في التاريخ العربي مطربةً أولى وصاحبة حنجرة استثنائية، لكنها أيضاً من السيدات اللواتي تميزن بالتصميم والإرادة والقدرة على مواجهة الصعوبات.ولدت «كوكب الشرق» في زمن لم تكن المرأة فيه تتمتع بحق الظهور، وقد أُجبرت وهي طفلة ومراهقة، على ارتداء ملابس الرجال كي لا يتنبّه المستمعون إلى أن من يقف أمامهم ويُطربهم ليس إلا فتاة. لكنها ثابرت، وعاندت حتى اعتُرف بكونها أُنثى.
تلقت أم كلثوم دعماً من عدد من الملحنين والشعراء الذين آمنوا بموهبتها، لكنها شقت طريقها بنفسها، لم تُتَبَنَّ كاملاً من أيٍّ من الفاعلين في عالم الفن في مصر، كان اختيارها لملحن معين دليلاً على موهبته، وثنائها على فنان معين تأكيداً لنجاحه... أم كلثوم لم تخضع لتقويم الرجال، سحبت البساط وصارت هي صاحبة الرأي والقرار.
أخيراً، يورد عدد من المؤرخين المهتمين بشؤون الفن والموسيقى أن أم كلثوم كانت تعلن دائماً إعجابها بالمناضلة النسوية المصرية هدى الشعراوي.