مرةً جديدة يتعرّض زملاء إعلاميون لاعتداء أثناء تأديتهم لمهماتهم. هذه المرة في عكار، وبالتحديد في وادي خالد، حيث اعتدى عدد من الشبان على مراسلة التلفزيون السوري، أثناء تغطيتها لمهرجان تضامني مع قطاع غزة. أما الأجهزة الأمنية، فتبدو عاجزة عن حماية من لا يحملون إلا الكاميرا
عكار ــ الأخبار
تحول المهرجان التضامني مع غزة في وادي خالد، أول من أمس، إلى اعتداء على وسائل الإعلام من عناصر كانت تهتف لتيار المستقبل والنائب سعد الحريري، في محاولة لتخريب المهرجان الذي حضره حشد كبير من أبناء وادي خالد والجوار بدعوة من جبهة العمل الإسلامي وأحزاب المعارضة في عكار.
كان المهرجان يسير على ما يرام، إلى أن بدأ عضو الجبهة في وادي خالد الشيخ طلال الأسعد بإلقاء كلمته، فرفع أحد مناصري المستقبل العلم اللبناني، موقّعاً عليه عبارة «تيار المستقبل»، خلف المنصّة الرئيسة. فطلب أحد المنظّمين من أحد مناصري الحزب القومي إنزال العلم المذكور، ما أدى إلى اشتباك بين مناصري المستقبل وبعض المعتصمين. وقد غادر البعض احتجاجاً، فيما استمر المهرجان إلى نهايته، فألقيت كلمات لممثل حركة حماس في لبنان والنائبين السابقين وجيه البعريني ومحمد يحيى وممثلي حزبي البعث والقومي في عكار.
وقال أحد المنظمين إن «المدعو أ. ع، أحد مسؤولي تيار المستقبل في وادي خالد استقدم مجموعة من الشبان إلى المهرجان لمنع استمراره، وخاصة أن كثافة الأعلام الحزبية (القومي وجبهة العمل) شكلت استفزازاً لمناصري التيار، إضافة إلى حضور بعض الشخصيات السياسية المعارضة».
واستمرت حالة الغليان بين صفوف مناصري المستقبل الذين قاموا بإحراق علم الحزب القومي، وحصل تضارب بينهم وبين مناصرين للحزب المذكور. وأثناء محاولة مصوّر التلفزيون العربي السوري تصوير هذه المشاهد، هجم عليه عدد كبير من الشبان في محاولة للاعتداء عليه وتحطيم كاميرته، غير أن بعض أبناء وادي خالد منعوهم من إتمام ذلك، بحسب ما ذكرت سيدة كانت في المكان.
كما حاول مناصرون للمستقبل الاعتداء على الزملاء في قناتي الجديد والمنار ومراسلة التلفزيون السوري الزميلة سناء علوية الذين التجأوا إلى أحد المنازل.
الأسعد، الذي نقل الصحافيين إلى طربلس خشية أن يتعرض أحد لهم في الطريق، حمّل المسؤولية في ما حصل إلى تيار المستقبل وفرع المعلومات، داعياً إلى «معاقبة المجرمين على هذه الأعمال المنافية لأخلاق وادي خالد وقيم العشائر وعاداتها». وأضاف «أن بعض الصغار في وادي خالد يريدون أن يقدموا اعتماداً إلى تيار المستقبل من أجل منصب ما كما حصل في مجزرة حلبا».
وقامت وحدة من الجيش اللبناني بحملة دهم واسعة في وادي خالد، لتوقيف المطلوبين حيث اعتقلت 5 من مناصري «المستقبل» وآخر من مناصري القومي، ونقلوا إلى طرابلس، قبل أن يسلّموا إلى مخفر وادي خالد حيث بوشر التحقيق معهم، قبل إطلاق سراحهم بعدما تبين غياب أي ادعاء بحق أي منهم.
وقال أحد المشايخ في وادي خالد، مفضّلاً عدم الكشف عن اسمه، إن ما حصل هو محاولة لوضع حد لتنامي نفوذ طلال الأسعد، المسؤول السابق لتيار المستقبل في وادي خالد. وحمل رجل الدين المسؤولية لطلال الأسعد «الذي لم يستطع تأمين الحماية الأمنية الكافية للمتظاهرين، لأن المهرجان أقيم في منزله»، متسائلاً: «أهكذا يكون التضامن مع غزة المنكوبة في وادي خالد حيث غابت صور المجازر وأعلام فلسطين وحلّت محلّها أعلام القومي وجبهة العمل الإسلامي؟».

ردود الفعل

واستنكر عدد من الشخصيات السياسية والحزبية ووجهاء العشائر في وادي خالد الاعتداء على مراسلة التلفزيون السوري ووسائل الإعلام، واصفين هذا العمل بـ«البعيد عن قيمنا وعاداتنا التي تحمي الضيف وتكرمه، وخاصة في مثل هذه المناسبة الجامعة المتضامنة مع غزة الحزينة»، كما قال الناطق باسم العشائر العربية في لبنان الشيخ سليمان سليمان، داعياً إلى «محاسبة المعتدين والمحرّضين على الإعلام ورجاله لأن ما حصل يمثّل خرقاً لقيم وادي خالد ويجب ألا يتكرر».
مديرة مكتب التلفزيون السوري في بيروت فاطمة طفيلي قالت في بيان إن من دبّروا الاعتداء أرادوا منع رسالة أهلنا في عكار ضد المذابح الإسرائيلية من الوصول إلى الرأي العام من خلال التعرض للإعلاميين الذين يقومون بواجبهم في نقل الرسالة. وشكرت قيادة الجيش اللبناني التي تحركت على الفور للتحقيق في الحادثة ولتوقيف المرتكبين والمدبرين. بدوره، استنكر النائب السابق كريم الراسي الحادث، مقدماً اعتذاراً إلى التلفزيون العربي السوري ،ومتمنّياً «الشفاء العاجل لمصوّر التلفزيون الذي أصيب». واستغرب الراسي «هذا الاعتداء على الإعلام الذي يغطي حدث استنكار أهالي وادي خالد، لما يحصل في غزة، وكأنه متضامن مع القاتل ضد المقتول»، وأن «يكون المعتدي تابعاً لـ«تيار» سياسي حاكم في السلطة».


متري مستنكراً

التقى وزير الإعلام، طارق متري، مديرة مكتب التلفزيون السوري في بيروت، فاطمة طفيلي، والزميلة سناء علوية، واستمع منهما إلى ما تعرّض له فريق التلفزيون السوري أثناء تأديته عمله في وادي خالد. وقال متري «إن هذا العمل غير مقبول بكل المعايير»، واعداً «بمتابعة الأمر مع المسؤولين الأمنيين»