رغم التوصيات الكثيرة بأخذ لقاح الزكام خلال موسم الشتاء، بات معلوماً أنه لا يحول دون التقاط عدوى الرشح، وذلك بسبب التعديلات الجينية التي تخضع لها الفيروسات المسبّبة للمرض. ولكن كيف يواكب جهازنا المناعي هذه التعديلات؟ وماذا يفعل لمواجهتها؟ هذا ما تحدثت عنه دراسات أجريت في جامعة «واين» في ولاية ديترويت الاميركية. تقدم الدراسات الجديدة شرحاً للطريقة التي يعمل بها جهاز المناعة، حيث تخضع عملياته بدورها للتطور في مواجهة التحديات الجديدة المتمثلة بالفيروسات المعدلة جينياً.عندما يتعرّض الجسم لهجوم من الفيروسات أو البكتيريا، يبدأ في الحال بتنفيذ خطة دفاعية تقوم في أحد جوانبها على إنتاج الجينات المسؤولة عن تصنيع الاجسام المضادة الخاصة بهذه البكتيريا أو الفيروسات. ويجري تعديل هذه الجينات لتتناسب مع نوع محدد من الفيروسات بإحدى طريقتين.
الاولى تقوم على التغيير في جينة واحدة، والثانية على التعديل في مجموعة من الجينات دفعة واحدة. تقدم الدراسة وصفاً للطريقة الثانية التي يعتمدها جهاز المناعة، ففي التجربة التي نفذت تمت معالجة جزيئات الحمض النووي DNA بأنزيم يسمّى deaminase، خلال عملية نسخه بواسطةRNA Polymerase. وجد الباحثون أن إطالة الوقت الذي تجري خلاله عملية نسخ الحمض النووي يسبّب عدداً من التعديلات الجينية (mutations) دفعة واحدة، الأمر الذي يفعّل إنتاج الاجسام المضادة الكافية والمناسبة لمواجهة النسخة المعدلة من الفيروس، فيما عدم التدخل لإطالة هذه العملية يؤدي الى تراجع كبير في احتمال حدوث هذه التعديلات أو حتى الى انعدامه. إن مثل هذا الاكتشاف يفتح الباب أمام التدخل الطبي في العملية الدفاعية لجهاز المناعة بصورة تمنع حدوث المرض أو تخفف كثيراً من خطورته.