سماح إدريس *يتابع رئيس تحرير مجلة «الآداب» هنا ما كان قد بدأه البارحة من ملاحظات على هامش الحرب على غزّة وفلسطين. وكان قد تناول البارحة العناوين الآتية: مثقفو الذريعة ولوم الضحيّة، الوحدة الوطنية الفلسطينية، دور مصر نظاماً وشعباً، دور التظاهرات العربية اليوم.

أمشي مع المتظاهرين في بيروت باتجاه السفارة المصريّة. الأعلام ‏الفلسطينيّة والكوفيّات الفلسطينيّة تحفّ بنا من كلّ جانب: في ‏الحمرا، وفردان، وكورنيش المزرعة. هنا كان مكتبُ منظّمة ‏التحرير: شفيق الحوت لم يعد فيه، لكنّ ثقلَه الأخلاقيّ والقوميّ ينشر ‏ظلالََه عليه إلى اليوم، رغم أوسلو. مقابلَه، إلى اليسار، كان مكتبُ ‏مجلة الهدف في السابق. أرى غسّان كنفاني يخْرج إلى الشرفة ‏يحيّينا ويرْشقنا بالبرتقال والبرقوق. تتقدّم مسيرةُ الأكفان. اليسار في ‏طليعة المنظّمين: حركة الشعب، اتحاد الشباب الديموقراطيّ، قطاع ‏الطلاب في الحزب الشيوعيّ، يساريّون مستقلّون، إلى جانب ‏ناشطي الحزب القوميّ. نصل إلى مشارف الطريق الجديدة. أقلتُ ‏الطريقَ الجديدة؟!‏
تصْدح أناشيدُ ما قبل الخروج الثمانينيّ: «طالِعْلكْ يا عدوّي طالعْ من ‏كلّ بيت وحارة وشارع». «فدائيّة، فدائيّة، ثورة ثورة شعبيّة». ‏«كلاشينكوف خلّي رصاصَك بالعالي». «طَلّ سلاحي من جراحي يا ‏ثورتنا طلّ سلاحي». تلتها، وامتزجتْ بها، أغاني ما بعد الخروج، ‏وعلى رأسها: «إشهدْ يا عالمْ علينا وعلى بيروت، إشهدْ للحرب ‏الشعبيّة». إلى اليسار تقع البنايةُ التي كنتُ أسكن فيها مراهقاً: بناية ‏إسكندراني رقم 3. الشهيد أبو جهاد كان يسكن تحتنا. في البناية ‏نفسها، كان يسكن أنيس النقّّاش، الذي صافحتُه قبل قليل. بيروت تعود فلسطينيّة، أيْ: بيروت تعود ‏بيروت!‏
يقترب منّي صالح عرقجي ليخبرَني بأنهم كانوا في تظاهرةٍ أمام مسجد الإمام علي في قلب الطريق الجديدة. صالح ‏يتحدّث مفتخراً بقوميّته وسُنّيته. السنّة لن يكونوا إلا مع فلسطين، ‏يقول. فجأةً، أتذكّر أنني سُنّيّ. غير أنني لا أفتخر بذلك؛ فقد طلّقتُ ‏مذهبيّتي منذ أن قرأتُ سهيل وغسّان ورئيف خوري، وتبعتُ الحكيم ‏جورج. لكنني لم أستطع أن أكبحْ نشوةً دفينة: ها إنّ تحكّمَ الانعزال ‏والمال السعوديّ ببعض سنّة بيروت قد تقهقر... ولو لساعاتٍ أو ‏أيّام.‏ شكراً فلسطين!‏

الدين والتظاهرات: شيخٌ... وشيخ

نقلتْ صحيفةُ الحياة السبتَ الماضي عن رئيس المجلس الأعلى ‏للقضاء في‎ ‎السعوديّة الشيخ صالح‎ ‎اللحيدان قولَه، خلال محاضرةٍ ‏ألقاها الجمعة في الرياض، إنّ التظاهرات «استنكارٌ غوغائيّ،‎ ‎إذ إنّ ‏علماءَ النفس وَصفوا جمهورَ المظاهرات بمن لا عقل له».‏‎ ‎وأضاف: «حتى إذا لم تشهد المظاهراتُ‎ ‎أعمالاً تخريبيّة، فهي تصدّ الناسَ عن ‏ذكْر الله».‏ هذا وقد اعتبر البعضُ فتوى اللحيدان‎ ‎بمثابة ردٍّ رسميّ سعوديّ على ‏الشيخ عائض القرني، الذي‎ ‎قيل إنّ السلطات السعوديّة اعتقلتْه بسبب ‏إصداره فتوى يومَ الأحد بضرب المصالح الإسرائيليّة في كلّ مكان ‏نصرةً للشعب الفلسطينيّ، مضيفاً: «يجب أن يكونوا (الإسرائيليون) ‏أهدافاً وتسيلَ دماؤهم، كما تسيلُ دماءُ إخواننا الفلسطينيين» (موقع ‏سوبرنت 07770500).‏

سوريا

يعتقد سياسيّو 14 آذار أنهم يُحْرجون خصومَهم ‏حين يسألونهم: لماذا تطالبون مصرَ بفتح معبر رفح ولا تطالبون ‏سوريا بفتح جبهة الجولان؟
‏الحقّ أنّ هذا الكلام يُحْرج أنصارَ 8 آذار فعلاً. إذ كيف بإمكان أيٍّ ‏كان أن يبرِّرَ ألا تطْلقَ السلطاتُ السوريّةُ طوال 35 سنة رصاصةً ‏على إسرائيل من الجولان؟ بل كيف يمكن تبريرُ المفاوضات ‏السوريّة غير المباشرة... ومع رئيس وزراء إسرائيليّ منتهي ‏الصلاحيّة؟
‏لكنْ كيف يردّ 14 آذار على أناسٍ مثلنا طالبوا سوريا في السابق، ‏ويطالبونها اليومَ، بفتح جبهتها فعلاً ووقفِ المفاوضات؟ إنّ معسكر ‏‏8 آذار يفتقد حقّاً إلى المبدئيّة والصدقيّة إنِ اقتصرتْ مناشداتُه على ‏النظام المصريّ، وتجاهلت النظامَ السوريّ. بل إنّ 8 آذار في موقفه ‏هذا يعطي خصومَه اللبنانيين فرصةَ التفلّت من إدانة النظام ‏المصريّ، حليفِهم وحليفِ حليفهم الأكبر: الجزّار الأميركيّ.‏
نساء الخرطوم
من أقسى (وأروع) المشاهد التي رأيتُها على التلفزيون مشهدُ نساء ‏السودان يتظاهرن أمام السفارة المصريّة، ثم السفارة الأميركيّة. كنّ ‏يبكين على أطفال غزّة كما لو كانوا أطفالَهنّ. قدّمن حليهنّ تبرّعاً ‏للمقاومة الفلسطينيّة. لكنهنّ، وهنا الروعة، كنّ يطالبن أيضاً بتنحّي ‏الرؤساء العرب عن كراسيهم، وبإعطائهنّ سلاحَهم ليحاربن به بدلاً ‏منهم.‏ أتأمّلهنّ دامعَ العينيْن. أقول في نفسي إنّ هاته النسوة لسن في حاجةٍ ‏إلى منظّمات الـ أن. جي. أوزْ ليتعلّمن «تمكينَ» المرأة: ففيهنّ من ‏السخط والألم والقهرِ والدمعِ والغضبِ على أنظمتهنّ وأشباهِ «رجالها» ما يكفي من قوّةٍ ليقرّرن حملَ السلاح نصرةً لفلسطين ‏وفضحاً للرجولة الرسميّة العربيّة.‏ ‏أشكّ، أشكّ فعلاً، في أن توافِقَ منظّماتُ «الأنجزة» على تمويل ‏المتظاهرات السودانيّات من أجل التدرّب على السلاح، مثلاً، لقتال ‏إسرائيل وأميركا. ذلك أنّ «التمكين» يقتصر في عرف ‏تلك المنظمات على محاربة النظام البطريركيّ العربيّ... ‏لا أسيادِه الأميركيين وحلفائهم الإسرائيليين!‏

بين لبنان 2006 وفلسطين اليوم

في صيف 2006 غادرتْ مئاتُ العائلات الجنوبَ والضاحية، ‏فوجدتْ بيوتاً وأحضاناً دافئةً في كثيرٍ من أرجاء لبنان، ولا سيّما في ‏بيوت و«مناطق» أنصار ميشال عون وسليمان فرنجيّة، وفي ‏سوريا. وكان ذلك عاملاً أساسيّاً في صمود المقاومة اللبنانيّة، إذ ‏سَمح لها بالتفرّغ للقتال وهي متيقّنة من أنّ شعبَها في أمان.‏
أما اليوم، فأين يذهب أطفالُ غزّة ومدنيّوها؟ مصر مغلقة في ‏وجوههم. الضفة الغربيّة مغلقة. فلسطين 48 مغلقة. قد يتمكّن مقاتلو ‏المقاومة من الصمود أسابيعَ، لكنْ ماذا يفعلون بالمدنيين مع نقص ‏الطعام والدواء والوقود؟
على المدى البعيد ستعمِّق إسرائيلُ كراهيةََ العرب لها. لكنْ كيف الصمودُ الآن وشعبُ المقاتلين يموت؟ ومن جديدٍ ‏أفكّر: غبيٌّ مَنْ يحمّل حركة حماس مسؤولية عدم تأمين ما يَلزم ‏للمدنيين؛ ذلك لأنه يتجاهل الحصارَ المضروبَ على القطاع منذ ما ‏قبل انتخابها، وهو ما منعها فعليّاً من تأمين مقوِّمات الصمود ‏المعيشيّ لفترة طويلة. ولكنْ، مع تزايد الشهداء، أقول: ليْت هدنة ما ‏تحصل الآن، من دون تنازلاتٍ فلسطينيّةٍ جذريّة، ولو ليومين، من ‏أجل إسعاف الجرحى ودفن الشهداء. أما العودة إلى «الهدنة» الكاذبة ‏التي سادت شهوراً قبل العدوان الأخير فهي قبولٌ بما يسمّيه آفي ‏شلايم «اللاإنماء المتعمَّد»5، ‏ إنْ لم تكن قبولاً بالقتل البطيء. علي أبو ‏نعمة على حقّ حين يكتب:‏ «في ظلّ هدنةٍ على الطراز الإسرائيليّ يحقّ للفلسطينيين أن يبقوا ‏صامتين، في الوقت الذي تجوِّعهم فيه إسرائيلُ وتقتلهم وتستعمر ‏أرضَهم. فإسرائيل لم تكتفِ بحظر الطعام والدواء (خلال ‏شهور الهدنة المزعومة)... بل هي مصمّمةٌ على تجويع العقول: ‏فبسبب الحصار، ليس ثمة حبرٌ، ولا ورقٌ، ولا صمغٌ، من أجل ‏طباعة الكتب لأطفال المدارس»6.‏

المقاطعة

استمعتُ في اليوم الحادي عشر للحرب إلى برنامج «بكلّ جرأة» ‏‏(أل. بي. سي، 6/1/2009). أسامة حمدان هادئ، رزينٌ، وبخاصةٍ ‏حين يواجه يساريّاً سابقاً كهشام ملحم، أو مدرّعةً من الكلمات «الرشّاشة» تُدْعى عُقاب صقر. صقر يتحدّث عن ضرورة القيام ‏بمقاومةٍ غيرِ مسلّحة، ويضْرب مثالَ غاندي. الله أكبر! هل متقفُ ‏الحريري الآن يؤيّد المقاطعة مثلاً، التي كانت إحدى أبرز وسائل ‏غاندي للتحرّر من الاحتلال البريطانيّ؟ أيدعو صقر، مثلاً، إلى ‏مقاطعة البضائع الداعمة لإسرائيل التي غصّت وتغصّ بإعلاناتها ‏شاشاتُ المستقبل والـ أل.بي.سي؟ إذاً، فليدعُ معنا إلى مقاطعة ‏الشركات التالية إلى حين تخلّيها عن دعم كيان العدوّ اقتصاديّاً ‏وسياحيّاً ورياضيّاً. وسأركّز الآن على بعض الشركات الموجودة في ‏لبنان، على أن أُفردَ قريباً في «الأخبار» مقالاً طويلاً لهذا ‏الموضوع:‏
‏1ـــ بيرغر كينغ، التي افتتحتْ فرعاً في مستوطنة معالي أدوميم، ‏خلافاً للقانون الدوليّ. 2ـــ ماكدونالدز، التي تساعد إسرائيلَ من خلال ‏التبرّعات التي تقدّمها إليها مكاتبُها المحليّةُ هناك والشركةُ الأمُّ في ‏شيكاغو (إذ هي شريكٌ لـ«الاتحاد اليهوديّ/الصندوق اليهوديّ ‏الموحّد»)، وافتتحتْ منذ سنوات فرعاً في المستوطنة الألمانيّة في ‏القدس في بيت الفلسطينيّة ماري الدادا التي كانت قد طُردتْ منه عام ‏‏1948. 3ـــ كوكاكولا، التي اشترت «مياه نيفيوت» الإسرائيليّة ‏‏(40% من سوق المياه المعبّأة في إسرائيل)، و«مخامرَ الجولان» ‏في الجولان المحتلّ، وستور ألاينس الحاسوبيّة الإسرائيليّة، وبَنَتْ ‏مصنعاً في مستوطنة كريات غات (على أنقاض الفالوجة وعراق ‏المنشيّة)، وترْعى منتخبَ إسرائيل لكرة السلّة ومهرجانَ آراد ‏للجاز، وشركتُها الأمّ ترعى فرعَ «الاتحاد اليهوديّ الموحّد في ‏أتلانتا الكبرى» المشارك في توطين اليهود في فلسطين. 4ـــ إيستيه ‏لودر، التي اشترت معظمَ أسهم شركة جيروزالم كابيتال ستوديوز، ‏وأكثرَ من نصف شركة دلتا 3 الإسرائيليتيْن. 5ـــ نستله، التي ‏اشترت 50،1% من شركة أوسم الإسرائيليّة للأغذية، وتدير ‏مصنعاً في سديروت (النجد سابقاً)، ولها مشروعاتٌ كبرى في ‏كريات غات وناخشوليم (الطنطورة سابقاً). ولذلك كلّه تلقّت جائزةَ ‏اليوبيل الذهبيّ من نتنياهو عامَ 1998، أسوةً بكوكاكولا ودانون ‏ولوريال وجونسون آند جونسون. 6ـــ ستاربكس، التي تشارك ديليك ‏الإسرائيليّة، والتي قال رئيسُها هارولد شولتز في 4/4/2002 «‏بوصفي أميركيّاً يهوديّاً، فإنّ التزامي بإسرائيل عالٍ جدّاً»7.‏
ولا بدّ من أعود إلى هذا الموضوع بالتفصيل كما وعدتُ، لكنّ المهمّ ‏أن نؤكّد هنا أنّ المعلومات موثقة في ما يخصّ دعم هذه الشركات ‏‏(إضافة إلى شركاتٍ أخرى مثل جنرال إلكتريك، وهاسبرو، ‏ومايكروسوفت، وساره لي، وفيليب موريس...) للكيان الصهيونيّ، ‏وهو دعمٌ يدرّ عليه بلايينَ الدولارات ويسْهم في تخفيف الأعباء ‏الاقتصاديّة عنه ويدفعه إلى التركيز على المجهود الحربيّ ضدّ ‏فلسطين ولبنان خاصّة.

خاتمة موقّتة

الصحافيّ والمحلّل الفرنسيّ العسكريّ ريشار لابفيبر يقول إنّ لدى ‏حركة حماس وبقيّة الفصائل حوالى 15000 مقاتل في غزّة ‏حاليّاً، إضافةً إلى وحدةٍ خاصةٍ تقدَّر بحوالى 3000 مقاتل، «وهذه الوحدة مدرَّبة على يد عماد مغنيّة، وتستخدم أساليب ‏القتال نفسَها التي استخدمها حزبُ الله في حرب عام 2006، فضلاً عن ‏امتلاكها أسلحة جيّدة وكميّات من الذخائر تمكّنها من القتال لشهورٍ ‏طويلة» (جريدة الدستور، 8/1/2009).‏ ‏مشاهدُ القتل تزداد. تسألني نايْ (10 سنوات) كلَّ ليلة: «كم واحداً ‏صاروا، بابا؟» لم أعُدْ أعُدّ، قلتُ لها في اليوم العاشر. في اليوم ‏الحادي عشر سألتني من جديد. حاولتُ أن أُفهمَها أننا لسنا أرقاماً. ‏قالت إنها فهمتْ. لكنها في اليوم التالي كرّرت السؤال. قلتُ إنهم قد ‏يتجاوزون الألفَ، كما حدث في لبنان عام 2006.‏
سيزداد ضحايا إسرائيل في فلسطين، وفي لبنان، بعد سوريا، ‏ومصر، والعراق، والأردن... لكنّ إسرائيل لن تحقّقَ أهدافَها، ‏وسيُرفع الحصارُ عن غزّة، ولن ينقلبَ الفلسطينيّون على المقاومة ‏بل على السلام المزيَّف مع القتلة، ولن يسلّم المقاتلون سلاحَهم مهما ‏كان انتماؤهم (الأقصى، سرايا القدس، كتائب أبي علي مصطفى، ‏كتائب المقاومة الوطنية، ألوية الناصر صلاح الدين... ـــ وذكرُ ‏تنوّعاتهم أمرٌ بالغُ الأهمية كي لا يتوهّمنّ أحدٌ أنّ المقاومة ‏الفلسطينيّة جسدٌ مونوليثيٌّ كالنظام الديكتاتوريّ العربيّ يسْهل جرُّه ‏وإخضاعُه للمساومات والتسويات المذلّة). ذلك هو الدرس الأبسط، ‏والأكثر بدهيّةً، في التاريخ.‏
‏ والمقاومة تتّخذ أشكالاً كثيرة: مدنيّةً أو عسكريّة، أنصاريّةً أو ‏استشهاديّة، دينيّةً أو يساريّةً أو قوميّة، هوجاءَ أو منظّمة، لكنها ‏ستصمد الآن، وستنتصر في زمنٍ ما، وسيزول الاحتلالُ (كم ‏احتلالاً بقي في العالم اليوم؟). أميركا احتلّت أفغانستان عامَ 2001 ‏خلال مدةٍ قصيرة، لكنها الآن تتوسّل السلامَ مع طالبان. واحتلّت ‏العراقَ في أيّامٍ قصيرة عام 2003، لكنها اليوم لا تعرف كيف ‏تخرج بأقلّ عددٍ من قتلاها. وإسرائيل طردت الشعبَ الفلسطينيّ من ‏أرضه قبل ستين عاماً، وطردتْ فصائلَه من بيروت قبل ستة ‏وعشرين عاماً، فنبتتْ في وجهها حركاتٌ مقاومةٌ كثيرة، ‏وانتفاضتان، وحكومةٌ منتخبةٌ معاديةٌ لها في قلب فلسطين. أسوأ ‏سيناريوهات هذه الحرب على غزّة، بعد ازدياد عدد الضحايا، هو ‏أن تحتلّها إسرائيلُ وتسلّمها إلى سلطة عبّاس و/أو عصابات الدحلان. ‏ولكنّ السيناريو الجديد لن يصمدَ طويلاً، وستعود المقاومة أكثرَ ‏شراسةً.‏ ‏ أما نحن، عربَ الخارج، فعلينا تطويرُ مقاوماتنا لأنظمتنا ‏المستسلمة أو العميلة أو الكاذبة أو النذلة. وعلينا تحديثُ أشكال تضامننا مع فلسطين، كي ‏نشكّلَ ما أسماه كلوفيس مقصود (النهار، 11/1/2009) «مرجعيّةً ‏عربيّةً موثوقاً بها» تكون بديلاً من أنظمتنا ومؤسّساتنا العربيّة ‏المهترئة: بديلاً يليق بشعبنا وتضحياته في كلّ مكان.‏
5 -“Deliberate de-development”. see Avi Shlaim‚ The Guardian‚ Jan 7‚ 2009.
6 -www.electronicintifada.net‚ 27/12/2008.
7 - من أجل معلومات بالغة التفصيل عن أبرز الشركات الداعمة لإسرائيل، وكيفية هذا الدعم، راجعْ وثائق «حملة مقاطعة داعمي إسرائيل/لبنان» ومقالات ناشطيها على موقع مجلة الآداب: www.adabmag.com

‏*رئيس تحرير مجلة الآداب