حاصبيا ــ عساف بورحالالهبارية ــ نداء بو همين
بنت جبيل ــ داني الامينوفي التفاصيل، استفاق أهالي العرقوب الثامنة والنصف صباحاً على أصوات انفجارات متتالية، مصدرها المنطقة الفاصلة بين بلدتي الهبارية وكفرحمام. حيث تبين أنها ناتجة من إطلاق صواريخ باتجاه فلسطين المحتلة، ما دفع بقوات الاحتلال إلى رد سريع، فأطلقت مدفعيتها من داخل المزارع نحو 14 قذيفة من عيار 155 ملليمتراً، توزعت على خراج قرى: الهبارية، كفرحمام وحلتا، وبعض منها سقط في محيط مجرى الحاصباني قرب وطى الخيام. ورافق القصف المدفعي تحليق لطائرة تجسس من دون طيار، أعقبها تحليق محدود للطائرات الحربية المعادية فوق العرقوب.
وتعتبر حادثة أمس محدودة، إذ لم تحمل في طياتها نيات تصعيدية من الجانبين. فالصواريخ من الطراز القديم وخفيفة العيار وغير معدّلة، والمنطقة التي أطلقت منها بعيدة نسبياً عن الحدود الدولية، في إشارة إلى عدم تمكّن حامليها من اجتياز حاجز الجيش اللبناني على معبر رئيسي عند مثلث كفرحمام ــ الهبارية ــ راشيا الفخار. لذا أطلقت من منطقة بالقرب من كفرحمام. كذلك فإن سقوط صاروخين في منطقة سهل الماري هو دليل آخر على قدم هذا السلاح وتدنّي مستوى الخبرات العسكرية لدى مطلقيه. كذلك يعتبر الرد الإسرائيلي محدوداً، إذ أتى في إطار ضيق واقتصر على نحو 14 قذيفة مدفعية استهدفت مناطق جبلية وزراعية دون أن توقع خسائر.
هذه الحادثة انعكست سلباً على الحياة اليومية في مناطق مرجعيون وحاصبيا والعرقوب، حيث شلّت الحركة وخيّم جوّ من الحذر والترقب. وأقفلت كل المدارس أبوابها وسط انتشار أمني مكثف لوحدات الجيش اللبناني، فيما نصحت قوات اليونيفيل السكان بعدم التجول. ووصفت سهام حمدان من شبعا الوضع بأنه على كفّ عفريت، وحادثة اليوم أجبرتها وأولادها الستة على ترك منزلها عند أطراف البلدة خوفاً من تفاقم الأوضاع. وقالت: «ما جرى صباحاً ذكّرنا بأجواء حرب تموز». ورأى مدير مدرسة الهبارية سعيد حمود أن «أصوات إطلاق الصواريخ أرعبت التلامذة، ما أجبرنا على إقفال المدرسة». وقال: «لو عاد الأمر لي لما أقفلت المدرسة، وهذا هو رأي المنطقة التربوية التي اتصلت بها». ورأى الرجل في ما حدث «عملاً طائشاً لا يؤدي إلى النتيجة المرجوّة»، مميّزاً «حرب تموز التي كان لها خصوصيتها». وقال شريف حمود إن المدرسة لم تستقبل تلامذتها لأن الحادثة وقعت على مسافة 200 متر من مدرسة الإيمان التابعة لجمعية التربية الإسلامية. وقال: المدارس فعلت خيراً حين أقفلت، إذ لا أحد يتحمل مسؤولية الردّ الإسرائيلي». وحين «أتى الرد محدوداً سادت حال من الاسترخاء لدى الأهالي». وأفاد مصدر أمني بأن قوة من الجيش اللبناني عثرت ظهراً على ثلاثة صواريخ أخرى منصوبة في المنطقة نفسها ومعدّة للإطلاق.
وقرابة الواحدة ظهراً (الهبارية ــ نداء أبو همين) قطع الجيش اللبناني وكتيبة الهنود التابعة لقوات الطوارئ طريق الهبارية ـــ كفرحمام، حيث عمد الجيش إلى تفتيش المنطقة التي افترض أن الصواريخ انطلقت منها، فيما حلقت طائرات إسرائيلية على علوّ منخفض جداً، لخمس دقائق، وقد فضّل بعض الأهالي النزوح باتجاه بيروت.
أما في منطقة بنت جبيل، فقد قال مراسل «الأخبار» داني الأمين أن إطلاق الصواريخ لم يثر الرعب في قلوب الجنوبيين كما حصل الأسبوع الفائت. لذا، لم تقفل المدارس الرسمية والخاصة أبوابها، إلا في قرى محدودة، رغم محاولة بعض أهالي الطلاب الاتصال بمدارس أطفالهم، طالبين تعطيل المدارس تحسّباً لأيّ تطور أمني قد يطرأ، ولم يسجل أي تهافت على المحال التجارية ومحطات الوقود. لكن قرى وبلدات مرجعيون تفاعلت بطريقة مختلفة مع الموضوع، وهي الأقرب إلى حاصبيا. فأقفلت غالبية المدارس الرسمية والخاصة أبوابها هناك، فور ورود نبأ إطلاق الصواريخ، ولا سيما في بلدات: مرجعيون، كفركلا، العديسة، القنطرة وحولا المتاخمة للحدود.
محمد حمدان، صاحب أحد المحالّ التجارية المقابلة للمواقع الإسرائيلية على الحدود، في بلدة ميس الجبل، يقول «سأبقي محلّي مفتوحاً ولن أقفله، وعلى المقاومين هنا أن يطلقوا صواريخهم إلى المستعمرات، وبكثافة. فالوضع لم يعد يحتمل، وأطفال غزّة من حقهم أن يجدوا من يساندهم في مأساتهم هذه». وبيّن حمدان أن «المدافع الإسرائيلية أطلقت قذائفها من موقع «خلّة المغارة» القريب من بلدة ميس الجبل، والأهالي هنا سمعوا أصوات هذه المدافع، ما أدى إلى إقفال بعض المدارس، لكنهم لم يتركوا بلدتهم أو ينزلوا إلى الأماكن الأكثر أمناً، فهم اعتادوا على العدوان، وجهّزوا أنفسهم لأي مواجهة قد تحصل». ويرى محمد ترمس، من بلدة طلّوسة، أن «ما يحدث الآن يجب أن يحدث في كل البلدان العربية القريبة من فلسطين، فمن الطبيعي أن تطلق الصواريخ على هذا العدوّ الذي لم يرأف بالأطفال الرضّع، ولا يطبّق القرارات الدولية، فهل نخاف نحن على خراق القرار 1701، أو يخاف الجبناء من الحكّام العرب على انزعاج الولايات المتحدة الأميركية؟ ليس الفلسطينيين وحدهم الذين عليهم إطلاق الصواريخ، بل نحن أيضاً علينا ذلك، وخاصة أننا أصبحنا نعرف هذا العدو جيداً، ولم نعد نخافه على الإطلاق». وبعد الظهر، أفاد مواطنون في الجنوب أنهم تلقّوا اتصالاً بصوت مسجّل على هاتفهم الثابت يقول «أنتم شعب الجنوب تسمحون للفلسطينيين والقاعدة وحزب الله بإطلاق الصواريخ من أراضيكم وهذا ما سيعود عليكم بالدمار والخراب، عليكم أن تتّعظوا من غزة. التوقيع دولة إسرائيل».