محمد زبيبسقط حتى الآن حوالى 1000 فلسطيني قتيل في غزّة وأكثر من 4500 جريح، نصفهم من الأطفال والنساء، وتجاوزت قيمة الأضرار المباشرة في المساكن والمنشآت 1.5 مليار دولار... إلا أن قلب أحمد أبو الغيط، وزير خارجية مصر، على مصير القمة العربية الاقتصادية والاجتماعية التي ستُعقَد في التاسع عشر من الجاري، لذلك، فهو لم يتردد أمس في تحذير العرب من «أن الذهاب إلى قمة الدوحة سيقضي على قمة الكويت التي استغرق التحضير لها أكثر من عام». طبعاً، الوقت عند أبو الغيط ثمين جداً، أثمن من مصير شعب يُذبح يومياً، وبالتالي لا يجوز هدره في محاولة للحدّ من هدر الدم في غزّة!
لا غرابة في هذا الموقف لأبو الغيط، فعبارته ليست زلة لسان، أو شططاً في ذروة الانفعال، بل هي واحدة من تعابير كثيرة عن العجز الذي يعانيه النظام المصري في تفسير موقعه من الحرب التي تشنّها إسرائيل على الفلسطينيين، علماً بأن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي كان قد ساهم في تبديد أي شك حول الموقع الذي اختاره هذا النظام عندما أعلن في إسرائيل، بعد زيارة قام بها لمصر، «أن الرئيس المصري حسني مبارك أبلغه شخصياً أن حماس يجب ألا تخرج منتصرة من هذه الحرب».
هناك من لا يريد أن يصدّق ذلك، فقد كذب ساركوزي ولو صدق، إلا أن تسيبي ليفني، القائمة بأعمال رئيس الحكومة ووزيرة الخارجية الإسرائيلية، تقدّم دليلاً آخراً على الشراكة مع النظام المصري، فهي قالت قبل أيام قليلة «إن ما تفعله إسرائيل لا يمثل حقها في الدفاع عن نفسها فقط، بل يمثل الصراع الحقيقي الدائر في هذه المنطقة»، بمعنى أن إسرائيل تؤدي قسطها من هذا الصراع الذي يستهدف إضعاف إيران وسوريا وحزب الله، فضلاً عن حماس لـ«تغيير المعادلة»، أو من أجل زيادة وضوح الانقسام، كما تقول ليفني، «فهذه المنطقة تنقسم بين المعتدلين والمتطرفين، وهذا التقسيم يزداد وضوحاً أكثر فأكثر، ولذلك يجب على كل واحد أن يختار معسكراً».
يبدو أن مصر اختارت ومعها دول أخرى كثير ترفض المجاهرة بذلك في قمة عربية لن تفعل شيئاً إلا تحديد المواقع والخيارات.