رغم العوائق التي لم تزلها السلطة السياسية، يبدو مجلس القضاء الأعلى مندفعاً نحو إنجاز التشكيلات القضائية بعد تسلم رئيسه الجديد القاضي غالب غانم منصبه. فهل ينجح حياد الأخير في تذليل هذه العقبات؟
حسن عليق
عقد مجلس القضاء الأعلى بعد ظهر أمس جلسته الأولى برئاسة القاضي غالب غانم الذي كان قد أقسم اليمين أمام رئيس الجمهورية ميشال سليمان أول من أمس. وقال القاضي غانم لـ«الأخبار» إن على رأس أولويات مجلس القضاء الأعلى إتمام التشكيلات القضائية وإحالتها على وزير العدل. وأضاف غانم أن المجلس قرر عقد جلستين أسبوعياً لدرس التشكيلات. وقال رئيس مجلس القضاء الأعلى لـ«الأخبار» إنه لمس من الرؤساء الثلاثة ومن وزير العدل إصراراً على إصدار التشكيلات القضائية في أسرع وقت ممكن.
من جهتها، قالت مصادر واسعة الاطلاع على الشؤون القضائية لـ«الأخبار» إن غانم لن يقبل بأن يبدأ «عهده في رئاسة مجلس القضاء من دون إتمام التشكيلات القضائية».
تجدر الإشارة إلى أن أعضاء مجلس القضاء الأعلى اتفقوا على استكمال بحث التشكيلات، وإن لم تعين الحكومة رئيساً لهيئة التفتيش القضائي (عضو في مجلس القضاء)، رغم أن الرئيس السابق للمجلس القاضي أنطوان خير كان قد أعلن قبل انتهاء مهماته أنه لمس توجهاً لدى أعضاء المجلس لعدم بحث التشكيلات في غياب رئيس للهيئة.
وإضافة إلى ذلك، أخذ مجلس القضاء الأعلى أمس علماً باستقالة القاضي رالف رياشي من عضوية المجلس، مع العلم أن رياشي كان قد أبلغ الرئيس السابق للمجلس أنه مستعد للعودة عن الاستقالة إذا قرر المجلس بحث التشكيلات القضائية.
من ناحية أخرى، رأت المصادر أن التحفظات التي كانت تسجلها أطراف سياسية على تعيين قضاة محددين في بعض المواقع لا تزال كما هي، ومنها على سبيل المثال تعيين المحامي العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي غسان عويدات في موقع قاضي التحقيق الأول في بيروت، وهو ما لا يزال يلقى معارضة من القوات االبنانية، وتالياً من وزير العدل إبراهيم نجار.
وتجدر الإشارة إلى أن إصدار التشكيلات من دون الأخذ بأي ملاحظة يبديها وزير العدل بحاجة لتوقيع 7 من أعضاء مجلس القضاء الأعلى. لكن عدد أعضاء المجلس عاد إلى ستة، بعدما عين عضو المجلس القاضي شكري صادر رئيساً لمجلس شورى الدولة. وبالتالي، عاد المجلس إلى لعبة 2 و2 مكرّر، لكن ليس وفقاً للقاعدة الطائفية المعهودة في لبنان. فاكتمال عدد أعضاء مجلس القضاء الأعلى بحاجة لأن تعيّن الحكومة رئيساً لهيئة التفتيش وآخر بديلاً عن القاضي شكري صادر، ولأن تنتخب الهيئة العامة لمحكمة التمييز عضوين خلفاً للقاضيين رالف رياشي وأمين بو نصار، وهو ما تحول دونه عقبات مذهبية تتعلق بعدم وجود رؤساء لغرف محكمة التمييز من الطائفتين الكاثوليكية والدرزية. أما تعيين رئيس لهيئة التفتيش القضائية، فمرتبط بسلة تعيينات الفئة الأولى، المرتبط بتعيين رئيس لديوان المحاسبة في الموقع الشاغر منذ أكثر من سنتين. يبقى تعيين بديل عن القاضي صادر، فهل سيعدّ وزير العدل إبراهيم نجار مشروع مرسوم لتعيين بديل له، تمهيداً لأن يصدره رئيس الجمهورية، ليكون بذلك قد منح مجلس القضاء الأعلى فرصة إصدار التشكيلات وحصرها داخل أروقة العدلية، مما يمنحها حداً أدنى من الحصانة ضد التدخلات السياسية؟ أم أن نجار سيترك الموقع السابع في مجلس القضاء شاغراً، ليترك التشكيلات عرضة لملاحظاته؟