عمر نشّابةثلاثة أسابيع من حشر مليون ونصف إنسان في قفص قطاع غزّة ودكّهم بالنار والحديد من البحر والجوّ والأرض بأحدث تقنيات الحرب والدمار. ثلاثة أسابيع من قتل الأطفال والنساء والشيوخ والأطباء وعمّال الإغاثة. ثلاثة أسابيع من تدمير المنشآت المدنية والبنى التحتية والجامعات والمدارس. وفي سياق حربها على «الإرهاب»، رحّبت أمس آلة الحرب الإسرائيلية بالأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بقصف مستشفى القدس ومستودع للطحين ومركز للإسعاف ومقرّ وكالة غوث اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.
أما في قطر، فجدّد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني دعوته قادة العرب إلى اجتماع استثنائي طارئ للبحث في سبل مساعدة الفلسطينيين على الصمود. شُغل البعض في لبنان بالتشاطر والتذاكي على دولة قطر عبر اتهامها بتجاوز ميثاق جامعة الدول العربية من خلال الدعوة لاجتماع قمّة بدون السعي لاسترضاء ملك الحجاز وفرعون مصر وغيرهما من الحكّام، وبدون توفير نصاب الثلثين. لكن في الواقع، أمير قطر ليس بصدد تجاوز الميثاق، وسيكون الاجتماع، بطبيعة الحال، تشاورياً إذا لم يكتمل النصاب اليوم في الدوحة.
ضغط بعض «العقلاء»، الذين قيل إن من بينهم رئيس الحكومة المقرّب من النظامَين السعودي والمصري، على رئيس الجمهورية، طالبين منه عدم الذهاب إلى الدوحة، ومتذرّعين بضرورة الالتزام بالفقرة «ب» من مقدمة الدستور التي تنصّ على وجوب احترام ميثاق جامعة الدول العربية. لكنّ هؤلاء «المعتدلين» الأشاوس لم يتنبّهوا ربما إلى الحقائق الآتية:
أولاً، إن رئيس الجمهورية كان قد انتخب من خارج الدستور، وذلك بسبب «ظروف استثنائية» كانت تمرّ بها البلاد. لم يعارض «العقلاء» ذلك يومها. فهل يعتبرون ذبح آلاف الأبرياء «أمراً عادياً»؟
ثانياً، إن الفقرة «ب» الدستورية نفسها تنص على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بينما يقوم الإسرائيليون ومَن وراءهم ومَن يسكت عن جرائمهم، بنسفه.
ثالثاً، إن الدعوة إلى المشاركة في اجتماع القمّة أتت على لسان أمير قطر الذي كان له الفضل بجمع اللبنانيين المتصارعين إلى طاولة حوار أدت إلى إعادة سلطة الدولة عبر انتخاب رئيس وتأليف حكومة.