افتتح أمس في قصر الأونيسكو «منتدى بيروت العالمي للمقاومة ومناهضة الإمبريالية والتضامن بين الشعوب والبدائل» الذي تنظّمه خمس هيئات محلية وعالمية ويستمر حتى مساء الأحد. وحضرت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في كلمات كل المتحدثين في الجلسة الأولى، الذين أدانوا الحرب الوحشية والصمت الدولي المتواطئ، إلى جانب التنديد بالإمبريالية الأميركية
ديما شريف
طغت غزّة على كلّ ما عداها في «منتدى بيروت العالمي للمقاومة ومناهضة الإمبريالية والتضامن بين الشعوب والبدائل» الذي افتتح أعماله أمس في الأونيسكو. حضرت في الكلمات التي ألقيت وفي الزيّ الذي وحّد جميع المشاركين، عرباً وأجانب: الكوفية الفلسطينية. ولم يكن مستغرباً حضور غزّة في أعمال المؤتمر الذي يعقد للمرة الثانية بعد نسخته الأولى في كالكوتا في 2007، إذ يسعى إلى دعم المقاومة والتحرير وإلى الدفاع عن الحقوق القانونية والمدنية للشعوب الخاضعة للاستعمار والتي تعاني من الحروب.
قبل بدء أعمال الجلسة الافتتاحية تجمّع المشاركون، وهم ناشطون في ما يزيد على ثلاثمئة وخمسين منظمة (أحزاب، جمعيات، واتحادات إلخ...) من أكثر من أربعين بلداً في مدخل قصر الأونيسكو، يتعارفون أو يستعيدون صداقات بدأت في المؤتمر السابق في الهند في تشرين الثاني 2007. هنا عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ليلى خالد ترحب بمناضلين آخرين، وهناك رئيس شبكة «أمان» للدراسات أنيس نقاش يتجمع حوله من يرغب في التعرف إليه ويطلب أخذ صورة معه. وقد توزّع المشاركون على «ستاندات» العرض الموجودة التي وزعت كل ما يخطر في البال من مناشير تحريضية ضد الإمبريالية، إلى صور مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي، وأعلام إيران وحزب الله.
في الداخل، أمن حزب الله، كما في الخارج، يهتم بالتنظيم. فمُنع المشاركون، من غير المتحدثين في الجلسة، من الجلوس في الصفوف الخمسة الأولى التي حُفظت للشخصيات والسياسيين اللبنانيين الذين سبّبت سياراتهم زحمة كبيرة في باحة الأونيسكو.
وقبل بدء المتكلمين، أبت إحدى أعضاء الوفد الهندي إلى المنتدى أن تبدأ الجلسة الافتتاحية قبل أن تقلّد المتحدثين فيها أوسمة تشكل رمزاً لمعركة اليسار في الهند. وأعلن رئيس المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق الدكتور علي فياض أنّه لم يكن مخططاً للمنتدى أن يعقد في ظل «العدوان الوحشي على غزة»، لكنّه «يضعنا في مواجهة المشهد الأصلي حسياً وعملياً وبعيداً عن أية أوهام». نقاط لم يبتعد عنها الدكتور مانيك ماكرجي من المنتدى العالمي لمناهضة الإمبريالية والتضامن بين الشعوب ـــــ مؤتمر كالكوتا الذي أكد مشاركة الألم الذي ينزله الصهاينة بحق الفلسطينيين. ووصف ماكرجي لبنان بأنّه أرض المعارك البطولية ضد إسرائيل المدعومة من الولايات المتحدة الأميركية. وكذلك أعلن كلّ من المنظّر الماركسي بيتر كوستر، ورئيس المجموعة الفنزويلية في مجلس النواب الأميركي اللاتيني فيكتور شيرينوس، ورئيس الرابطة الدولية للبرلمانيين المدافعين عن القضية الفلسطينية علي أكبر محتشمي، أعلنوا تضامنهم مع القضية والشعب الفلسطيني. وهذا ما فعله أيضاً نائب الأمين العام في حزب الله «خيال العرب الصاعد»، كما غازله فياض، الشيخ نعيم قاسم الذي تحدّث لأكثر من نصف ساعة، وأعلن أنّه لن يتم اللجوء إلى مجلس الأمن لأنّ البندقية ستحرر الأرض. وطالب بإعطاء الصواريخ لحماس علناً لا بتهريبها فقط.
وكانت الكلمة الحماسية من نصيب النائب المصري حمدين صباحي «الآتي من معبر رفح» الذي أكد أنّ لمصر قيمة أخرى غير عار كامب دايفيد. فهناك «مصر عبد الناصر والمقاومة والوقوف ضد المشروع الصهيوني» على نقيض «مصر الرسمية الملتحقة بالسياسات الأميركية». كذلك تحدث من «حملة أوقفوا الحرب» بتروس كوستانتينوس الذي أكد تأييد المقاومة الفلسطينية دون شروط مسبقة لو أرادت استعمال الصواريخ أو المسدّسات أو أية أسلحة أخرى.
أما منسقة «المنتدى العالمي للمقاومة في أوروبا» الدكتورة ليلى غانم فقد تناولت حرص المؤتمر على إدخال ورش العمل التي تتناول القضايا الاقتصادية لأنّ «مقاومة الاحتلال لا تتجزأ ولا بد أن تتكامل مع الشق المعيشي». وعندما أنهت غانم كلمتها، أعلن فياض أنّه ورد للتوّ أنّ قطر وموريتانيا أعلنتا تجميد علاقاتهما مع إسرائيل، فعلا التصفيق في القاعة.
ونقل عضو الهيئة المنظّمة للمنتدى محمد قاسم تحيات رئيس الوزراء النيبالي الزعيم الماوي براشاندا للمشاركين. وفي المقابل، عدّد وزير العدل الأميركي الأسبق رامسي كلارك الدول التي تدخّلت فيها بلاده و«خرّبت ديموقراطيتها المنتخبة» وأوقعت ملايين القتلى. وأعلن كلارك أنّه يؤمن أنّ الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما «يستطيع أن يأتي بالتغيير». أما فرانسوا أوتار، فأكد أنّ الإمبريالية تلجأ إلى الحرب لتجد حلولاً لمشاكلها.
ولم تخلُ الجلسة الافتتاحية من المشاكل، إذ تعرّض أعضاء في «اتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني» إلى التضييق من قبل عناصر حزب الله المولجين بالحماية، إثر صعودهم إلى الطبقة الثانية من قاعة الأونيسكو لتعليق علمَيْ فنزويلا وفلسطين، بسبب عدم وجود مقاعد فارغة في القاعة الرئيسية. وقد تدخّل منظّمو المنتدى لتهدئة الوضع.