قاسم س. قاسممن الحمرا، إلى قريطم، فعين التينة، الرملة البيضا، الجناح وصولاً إلى بئر حسن، جالت التظاهرة السيّارة التي نظمتها المنظمات الشبابية اليسارية أمس على معظم السفارات العربية الموجودة في بيروت، محملة بنعوش كتب عليها «كلّنا غزة»، وضعوها أمام أبواب تلك السفارات وأرفقوها برسائل خاصة لكل منها وفق سياسة دولتها المتعلقة بقضايا الأمة. يشرح رئيس المجلس الوطني في اتحاد الشباب الديموقراطي عربي عنداري أن الهدف من هذه الرسائل «توجيه انتقاد مباشر للأنظمة مع أخذنا بعين الاعتبار حجم التقاعس المتفاوت بينها».
لم يستثن الشباب أحداً، حتى تلك السفارات المحسوبة على أنظمة «الدول الممانعة»، ما أثار فضول بعض المارة. فلدى توقف المتظاهرين أمام سفارتي سوريا وقطر، أمكن سماع تعليقات متشابهة من مواطنَين: «مش هيدول مع غزة كمان!».
السفارة السورية شهدت أولى التظاهرات أمامها، وكانت الوجهة الأولى للمتظاهرين الذين انطلقوا من الأسكوا. جابت سياراتهم شارع الحمرا، فلفتت أنظار بعض المارة الذين توقفوا عن السير ورفعوا شارات النصر، آخرون لوّحوا بكوفياتهم التي كانت على رقابهم. أما الأكثر تأثراً بمرور هذه التظاهرة، فكانت امرأة مسنة تقف على الرصيف، فقد فتحت كفّيها ورفعتهما باتجاه السماء وراحت تدعو «الله ينصرك يا غزة». تتجاوزها السيارات مسرعة، لتتوقف أمام السفارة السورية. يُنزل المتظاهرون نعش «كلّنا غزة» عن ظهر السيارة ويوضع أمام باب السفارة، قبل أن يلقي العنداري الرسالة التي أراد المتظاهرون توجيهها لسوريا فـ«المقاومة في لبنان وفلسطين ليست بديلاً عن المقاومة في الجولان». يضع المتظاهرون صورتين للمجازر التي ارتكبتها آلة الموت الإسرائيلية في غزة ثم يرحلون.
بعد السفارة السورية تتحول وجهة السيارات نحو السفارة السعودية في قريطم. هناك كانت القوى الأمنية أكثر من المتظاهرين. وقف المعتصمون أمام باب السفارة المملكة، وسحب عنداري مكبر الصوت ليوجه رسالة إلى السفير، الذي «ما بكون هون، بكون عم يصلي... إذا بصلي»، كما يعلّق أحد المتظاهرين ضاحكاً. يعاتب عنداري في رسالته «خادم الحرمين الذي رفض قمة طارئة من أجل غزة، لكنه ذهب ليجلس مع بيريز ويشرب نخب أطفال غزة مع بوش». تتابعت سلسلة السفارات التي زارها المتظاهرون وتركوا رسائلهم هناك. من قطر «التي يجب عليها أن تقفل القاعدة الأميركية مع شكرنا لجهودها». الإمارات «الملزَمة بأن تكون معتدلة في اعتدالها». الجزائر التي «من المفترض أن تدعم غزة كما تدعم الصحراء الغربية». المغرب «الذي لا يتخذ أي إجراءات إيجابية إلا عندما يجري تطهير أبناء الملوك»، أما الكويت «فهو البلد الذي أتى بدول العالم لتحريره من صدام حسين، فأين جيش الكويت ليحرّر غزة؟».
الختام... مصر، مع الوصول إلى السفارة المصرية، محجة الشباب المفضلة. هناك ارتفعت نبرة المتظاهرين، ووجهوا رسالتهم هذه المرة إلى الشعب المصري: «الشعب المصري عامل إيه؟ حسني مبارك CIA».


إشكالان طالا الصحافيين

لم تكن زيارة السفارتين السورية والسعودية هادئة. على باب السفارة السورية رفض أحد المؤيدين لسوريا احتجاج الشباب قائلاً «سوريا مع المقاومة فكيف تتظاهرون أمامها؟»، مضيفاً أن «كل قيادة المقاومة الفلسطينية هي في سوريا». يردّ عليه شاب نريد «فتح جبهة الجولان وقطع المفاوضات» فيردّ عليه «بس وله، سوريا مقاومة». تحول غضب الرجل فصبه على الصحافيين طالباً منهم عدم التصوير، ما استدعى رداً من أحد الزملاء: «ما خصك فينا نحنا صحافة».
أما على باب السفارة السعودية فكان الإشكال بين القوى الأمنية والصحافيين الذين منعوا من تصوير السفارة أو حتى اللافتة التي تعرّف بها، ما دفع أحد المصورين للقول «عيب يصير هيك بلبنان».