تشيد لجنة التحقيق الدولية في تقاريرها باستجابة لبنان لطلباتها، لكن يبدو أن سرعة الاستجابة بين الطرفين ليست ذاتها «على الخطّين». فاللجنة لم تزوّد القضاء اللبناني بعد بنتائج تحقيقات تتعلق بجريمة اغتيال بيار الجميّل
حسن عليق
لماذا لم تسلِّم لجنة التحقيق الدولية القضاء اللبناني نتائجَ الفحوصات المخبرية التي أجريت على بندقية يشتبه في أنها استخدمت في اغتيال الوزير بيار الجميل يوم 21/11/2006؟
تعود قضية البندقية إلى فجر 12 تشرين الأول 2008، عندما نفّذ فرع المعلومات ومديرية استخبارات الجيش عمليات دهم في أماكن محددة مسبقاً في عكار وطرابلس، لمحاولة توقيف مجموعة أفراد يشتبه في ضلوعهم بتفجيرات استهدفت مركزاً للاستخبارات في العبدة (عكار) وحافلتين في طرابلس والبحصاص.
أحد أبرز المستهدفين في العملية كان عبد الغني جوهر، لكنّه غادر منزل شقيقته في باب التبانة مع بدء عملية الدهم. عثرت القوة الداهمة في المنزل على متفجرات وأسلحة فردية بينها بندقية رشاشة صغيرة الحجم، تطلق رصاصاً من عيار 9 ملم. المحققون لم يولوا البندقية المذكورة أيّ أهمية تذكر في البداية، وعرضوها في اليوم التالي في وزارة الداخلية أمام الصحافيين، ولم يُتعامل معها كدليل جنائي من ناحية آليات نقلها وحفظها.
وخلال التحقيق في فرع المعلومات، قال موقوف قاصر كان مقرّباً من جوهر إنه كان يتباهى أمامه بأن البندقية المضبوطة استخدمت في قتل الجميّل. وبعد رفع محضر التحقيق إلى المدّعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا، أشار الأخير بإرسال البندقية إلى لجنة التحقيق الدولية لكي تجري فحوصات مخبرية قد تمكّنها من حسم ما أدلى به الموقوف القاصر الذي استجوبته اللجنة أيضاً.
أُرسلت البندقية إلى مختبرات في هولندا، لمقارنة الآثار التي تتركها على المقذوفات والمظاريف الفارغة بتلك الموجودة على الطلقات النارية والمظاريف المضبوطة من مسرح جريمة اغتيال الجميّل في الجديدة. ورغم وجود مختبرات لدى قسم المباحث العلمية في وحدة الشرطة القضائية اللبنانية، إلا أنّ بندقية جوهر سلّمت إلى لجنة التحقيق الدولية، لأنّ كلّ العينات المرفوعة من مسرح جريمة اغيتال الجميّل موجودة في حوزة اللجنة. وفيما أكّد ضباط لبنانيون أن إتمام التحاليل على بندقية ومقذوفات ومظاريف لا يحتاج إلى أكثر من أسبوعين، قال مسؤولون لبنانيون أمنيون وقضائيون إن لجنة التحقيق الدولية لم تسلّم القضاء اللبناني حتى اليوم نتائج التحاليل المخبرية المتعلقة ببندقية جوهر، رغم أن السلطات المحلية طلبت ذلك في مذكرة رسمية أرسِلَت أخيراً إلى اللجنة.
الأمر لا يتوقف عند هذا الحد. فقد ذكر مسؤولون أمنيون لـ«الأخبار» أن اللجنة لم تزوّد القضاء اللبناني بنتائج تحاليلها المتعلقة بسيارة هوندا CRV سوداء اللون كانت السلطات السورية قد سلّمتها إلى الشرطة اللبنانية قبل أكثر من عام، واشتُبه حينذاك في أن تكون قد استخدمت في اغتيال الجميّل. وكذلك الأمر بالنسبة إلى مرآة سيارة تحمل آثار طلاء سيارة رباعية الدفع اصطدمت بها يوم اغتيال الجميّل في منطقة الحازمية. وفيما أشار مسؤولون لبنانيون على صلة بالتحقيق إلى أنّ أعضاءً من اللجنة أبلغوهم بطريقة غير رسمية أنّ نتيجة الفحوصات التي أجريت على السيارة التي استقدمت من سوريا كانت سلبية، رفضت راضية عاشوري (الناطقة باسم رئيس لجنة التحقيق الدولية) التعليق على المعلومات المذكورة، مشيرة إلى أنّ ذلك مشمول بسريّة التحقيق.