فداء عيتانيلن يمثّل وقف النار من جانب واحد في غزة عامل اطمئنان للقوى اللبنانية. ليس هذا ما يمكن أن ينعكس إيجاباً على المستوى المحلي، بل على العكس، فإن الوقف الهشّ للنار سيلقي بالمزيد من الأعباء على اللبنانيين. فالقضية الفلسطينية، التي طالما كان الانقسام اللبناني يتمحور حولها، تعيش في حال نزاع مع الحياة.
آن الأوان محلياً لإعادة طرح المسألة الوطنية ونقاش ترابطها مع القضية الفلسطينية سلفاً. لن يكون هذا النقاش إلا عاملاً لمزيد من الانقسام اللبناني، كما كان في الماضي منذ قيام دولة إسرائيل عام 1948.
في لبنان قوى محلية تريد الحكم والسلطة، وهي تعلن أن لديها مشروعاً لتطوير الحكم والحياة على هذه الأرض، وأنها وحدها من يمكنه قيادة لبنان في الأزمات، علماً بأنها منذ توليها السلطة وتسلمها للحكم، لم يجرؤ أي من ممثليها على الخروج من منزله لتناول القهوة في مكان عام، لكنها رغم ذلك تصر على أنها ستجلب الاستقرار إلى البلاد.
هذه القوى بدأت عملها على الوصول إلى السلطة بقرار دولي هو الرقم 1559، وواصلته بإخراج الجيش السوري من لبنان (مشكورة)، وأمسكت بزمام السلطة مولدة حالة دينامية من الانقسام الأهلي الذي يراوح على حدود الحرب الأهلية.
القوى المنضوية تحت جناح تحالف 14 آذار لم تكتف بالانقسام الأهلي العميق الذي كاد يتحول إلى دموي حين نزلت المعارضة إلى الشارع في كانون الأول من عام 2007، حين اعتُدي على العائدين من الاعتصام أمام السرايا الحكومية، بل تنقسم أيضاً على نفسها انطلاقاً من المعطى نفسه الذي يحكم السلطة والنظام في لبنان: النزاع بين الطوائف على من يملك الحصة الأكبر من النظام والسلطة، والنزاع داخل كل مكون طائفي على من يمثل الطائفة نفسها ويجسد مصالحها في النظام المتنازع عليه.
أقصى ما يمكن أن تقدمه هذه القوى في نقاش المسألة الفلسطينية هو خطاب قديم سبق أن أنتجه اليمين في لبنان، هو الخطاب الذي قاد حينها إلى الحرب الأهلية، ويضاف إليه موجة تعاطف كاذبة مع الضحايا المدنيين في فلسطين، علماً بأن الشارع يتجه نحو استعادة عاطفية لقضية مثّلت في السابق أحد عوامل انفجار البلاد.