ليس لدى اللبنانيين سوى الصبر في مواجهة أزمة السير المزمنة في بيروت والمناطق المحيطة بها. لكنه موسم الانتخابات. فهل «يتبرّع» السياسيون بعدد من حراسهم لتعزيز مفارز السير؟ أم ينتظرون الحكومة لتطويع أفراد جدد؟
حسن عليق
ارتفعت صرخة فعاليات متنيّة قبل نحو أسبوع بسبب زحمة السير في المنطقة الممتدة من نهر الموت إلى الدورة، فاتخذت السلطات إجراءات فورية أدّت إلى تخفيف زحمة السير على الطريق المذكور.
حل المشكلة قرب مبنى «سيتي مول» بدا سهلاً. لكن مسؤولين حكوميين وأمنيين يرون أن أزمة السير في لبنان، وخاصة في بيروت وضواحيها ومداخل الأخيرة، والمناطق الساحلية الممتدة من كسروان إلى مداخل بيروت الشمالية، متشعّبة ومتعدّدة الأوجه، وتحتاج إلى ورشة جدّية من الناحيتين الأمنية والقانونية. ويعيد ضباط في الأمن الداخلي أزمة السير إلى عدة أسباب، أبرزها عدم التزام السائقين بالقوانين المترهلة، ووجود تدخلات أمنية وسياسية في عمل رجال الشرطة، وعدم وجود إدارة كفوءة للسير.
المشكلة الأخيرة تتفرع إلى عدد من المشاكل، أبرزها أن معظم رجال شرطة السير ينقلون إلى مركز عملهم من دون رضاهم. وخلال الأسابيع الماضية، اعتمدت المديرية أسلوباً مختلفاً لتطويع رجال شرطة السير، إذ إنها عممت على مختلف قطعاتها طالبة ممن يرغبون في التطوّع للخدمة في مفارز السير أن يبلغوا شعبة العديد بذلك. إضافة إلى هذا، جهّزت المديرية غرفة للتحكم في السير في بيروت الكبرى (بتمويل من البنك الدولي)، من المفترض أن يبدأ العمل بها خلال الشهرين المقبلين، من ضمن «مشروع النقل الحضري في بيروت الكبرى». وكذلك، تدرس اللجان النيابية مشروع قانون لتعديل قوانين السير لتتناسب مع التقنيات الحديثة من جهة، ولتسمح بتشديد العقوبات من ناحية أخرى. وإضافة إلى ذلك، لدى المديرية مشروع للربط التقني بين رادارات قياس السرعة، يجري التفاوض مع دولة الإمارات العربية المتحدة لتمويله. واستقدمت وزارة الداخلية اللبنانية مدربين فرنسيين بدأوا أمس بتدريب ضباط ورتباء من شرطة السير، وسيجري خلال جزء من الدورات إعداد مدربين لبنانيين ليتمكنوا مستقبلاً من تدريب زملائهم. وكذلك، كان وزير الداخلية زياد بارود قد أصدر تعميماًَ منع فيه الضباط من التدخل في عمل رجال شرطة السير، إلا أن هذا التعميم لم يتم الالتزام به حرفياً كما يؤكّد عدد كبير من الضباط.

العديد الناقص

لكن مشكلة إضافية تبقى من دون حل حتى الآن، وهي مشكلة عديد مؤسسة قوى الأمن الداخلي المنخفض بنحو 6 آلاف عن العديد المنصوص عليه في القانون. وبالتالي، فإن عديد أفراد شرطة السير في المناطق اللبنانية منخفض جداً، مما اضطر وزير الداخلية إلى طلب رفدها بنحو 500 فرد خلال فترة عيدي الميلاد ورأس السنة. وقد أرسِل هؤلاء الأفراد للخدمة في بيروت وضواحيها. وخلال الأيام الماضية، أعيد نصفهم إلى الدورات التدريبية التي كانوا يخضعون لها (على أن يعادوا إلى السير قبل أيار المقبل)، فيما وزع العدد الباقي بالتساوي على العاصمة والضاحية الجنوبية ومفارز سير بعبدا (بعبدا وعاليه) والجديدة (المتن) وجونيه (كسروان). لكن المشكلة أعمق من إضافة 500 ضابط ورتيب ومجنّد، بحسب ما يؤكّد ضباط من قوى الأمن. فتوزيع عناصر السير على المناطق لا يأخذ بعين الاعتبار الكثافة السكانية والمساحة الجغرافية التي يعملون فيها. وعندما جرت محاولات لتصحيح الخلل في بعض القطعات، كمفرزة سير الضاحية مثلاً، اصطدم الأمر باعتراضات من بعض الضباط متذرعين بأسباب قانونية وشكلية وشخصية، فضلاً عن الأسباب السياسية والطائفية التي باتت تتحكم في جزء من عمل المديرية.
وتنقسم آراء معظم ضباط المديرية بين قائل إن سبب المشكلة هو انخفاض العديد العام، وآخر يشكو من «الحشو في عديد بعض القطعات»، متحدّثين عن تدخلات ووساطات تؤدي إلى أن يفرز بعض رجال الأمن للخدمة في «أماكن مريحة». ويشير هؤلاء الضباط الى «الحشو» في الفروع الإدارية في المديرية وقيادات الوحدات والمناطق، فضلاً عن تضخّم العديد في بعض القطعات كفرع المعلومات والقوى السيارة، ووجود نحو 1500 فرد في حماية الشخصيات.
وبالخلاصة، فإن على اللبنانيين الانتظار طويلاً حتى تزال عن كاهلهم أزمة زحمة السير. وقال مسؤول أمني رفيع لـ«الأخبار» إن حل الأزمة بحاجة إلى عام واحد على الأقل، هذا في حال تعديل القانون وبدء تطبيقه وموافقة الحكومة على تطويع 3000 فرد إضافي، فضلاً عن تأمين تمويل إنشاء مركز الربط الإلكتروني.


130 شرطياً بين المديرج وصيدا

بعد إضافة 500 شرطي للعمل في سرايا ومفارز السير في بيروت وجبل لبنان، وإعادة 250 منهم إلى المعهد، رسا العديد العام لشرطة السير في العاصمة على نحو 320، بينهم نحو 80 يتولون أعمالاً إدارية. أما في الضاحية الجنوبية، التي يزيد عدد سكانها، بحسب تقديرات الأمن الداخلي، على عدد سكان بيروت، فلا يزيد عديد مفرزة السير على 130، وهو العدد ذاته للعاملين في مفرزة الجديدة (قضاء المتن). أما مفرزة سير جونية (قضاء كسروان)، فتضم نحو 100 فرد، فيما يعمل أقل من 130 فرداً في مفرزة بعبدا التي يشمل نطاق عملها المنطقة الممتدة من المديرج إلى صيدا.