حلا ماضي«المال وتسبّبه في حصول نزاعات عائلية»، و«المرأة العاملة وكيفية تحكّم الزوج في مدخولها»، وقانون الأحوال الشخصية وما يلحقه بالمرأة من ظلم، عناوين نوقشت في ورشة عمل نظّمها أخيراً تجمع الباحثات اللبنانيات. الورشة أتت في إطار التحضير لكتاب باحثات الثالث عشر عن المرأة والمال في لبنان والعالم العربي. يتسارع التبدّل الاجتماعي، وأصبحت الطموحات الشخصية والفردية في الفضاء العام، من مقوّمات صياغة الهوية النسائية الجديدة.
كان الهدف من ورشة العمل دراسة علاقة المرأة اللبنانية والعربية بالمال والثروة. كيف تتجلى هذه العلاقة؟ كيف تبدّلت؟ كيف تطورت وما هي العوامل المؤثرة في تطوّرها؟ وما إلى ذلك.
المشاركون كانوا من لبنان ومن مصر والمغرب وتونس والجزائر والسودان. ومن الأفكار التي طرحت ميل المرأة إلى استثمار المال في الرأس المال الاجتماعي، من حيث المحافظة على العلاقات الأسرية وعلاقات القرابة. وثمة ميل واضح لدى العازبات اللبنانيات المهاجرات لشراء بيت. وفي لبنان يقوى الاتجاه للتعامل مع المصارف لدى النساء، وتُطرح قضية الحسابات الخاصة والمشتركة مع الأزواج. وفي الدول العربية النساء ما زلن يملنَ لادخار المال خوفاً من علاقات زوجية غير «مُساندة» كزواج الرجل بامرأة أخرى.
الدكتورة عائشة حرب (من كلية الصحة في الجامعة اللبنانية) عرضت نتائج دراسة نفذتها على عيّنة من 500 امرأة عاملة، فتبيّن أن 38% من الزوجات العاملات، و 13% من غير العاملات، يتعرضن لنزاعات مالية محتدمة أدّت في معظمها إلى الطلاق، وذلك يعود إلى السلوك المالي «المتطرّف» من جانب الرجل الذي يتحكّم في مدخول المرأة.
وتشير حرب إلى أن أكثر النزاعات الزوجية «المالية» تحصل في السنوات الأولى من الارتباط، وأنه غالباً ما يحتفظ «ربّ الأسرة» بمدخول المرأة معه، ثم يقوم بـ«تقطيره» لها، مطالباً إياها بشروح عن استخدامها المال.
وفي تفسيرها لاستفحال المشاكل بين الزوجين بسبب المال، ترى حرب أن السبب الرئيسي يعود في الأساس إلى عدم المصارحة والاتفاق على التفاصيل المادية قبل الزواج، إذ إن بعض العائلات تعدّ تلك المناقشة من «المحرّمات»!
من ناحيتها، رأت المحامية إقبال دوغان أن النظرة الجندرية للنساء لم تتغيّر بعد، وهنا مكمن «الخطأ»، فهنّ يعملن بكد ونشاط ويحقّقن النجاحات على مختلف المستويات، ولكنهن لا يزلن مسحوقات، مشيرة إلى أن أغلبية النساء ضائعات في طريقة توزيع دخلهن، وبعضهن يضعن دخلهن مع أزواجهن.
وتحدثت دوغان عن الارتباط الوثيق بين تمكين المرأة من المال وقوانين الأحوال الشخصية في معظم البلاد العربية، داعيةً إلى إعادة النظر في تلك القوانين.
لفتت الأستاذة الجامعية وداد عبد الرحمن (من السودان) إلى سيطرة أفكار ترى أن دخل المرأة ثانوي لأنه عادةً ما يكون أقل من دخل الرجل في بعض الأحيان.
وخوفاً من غدر الرجل وخيانته لزوجته، فإن المرأة في الجزائر اتخذت منذ مئات السنين «إجراءات وقائية»، كما تقول الأستاذة الجامعية من الجزائر مريم بوزيد، مشيرة إلى وجود ما يسمى «ملكية الجدّات»، حيث تنتقل ملكية المنازل إلى النساء فقط حتى لا يرمي الرجل بزوجته خارجاً، وتشير بوزيد إلى أن النساء يقمن بالأعمال الحرفية ويعملن على تحسين منازلهن في سبيل الاحتفاظ بها وتوريثها للإناث فقط.