صيدا ــ خالد الغربيما تناقلته وسائل الإعلام الأيام الماضية عن مصالحات جرت بين قادة العالم العربي، على خلفية مأساة غزة، انسحبت آثاره على صيدا ومخيمها، عين الحلوة. هكذا، يخيم نوع من «التشاؤل»، أي مزيج تشاؤم وتفاؤل حسب الأديب الفلسطيني الراحل إميل حبيبي، على أجواء من التقيناهم من أبناء المخيم، مستطلعين توقعاتهم من تلك المصالحات ورأيهم بانعكاساتها وتداعياتها على الواقع الفلسطيني في غزة أولاً ثم عامة.
«لن تكون التسوية الداخلية الفلسطينية بالأمر اليسير، نظراً إلى الخلافات العميقة الحالية والمتراكمة في الساحة الفلسطينية» يقول محمد خليل، الأستاذ في إحدى مدارس صيدا. خليل المنتمي إلى فصيل فلسطيني يساري، لا يتردد في تقديم تحليل معمق للوضع كما يراه «هناك مجموعة إشكاليات ونزاع على الشرعيات تتصارع على الساحة الفلسطينية: شرعية المقاومة وشرعية السلطة، وكل واحدة من هاتين الشرعيتين تحاول الحصول على تمثيل الشعب واحتكار هذا التمثيل» يقول خليل، ويضيف «هذا في الخلفية. أما في الواقع فإنني أرى أن الأزمة تعمقت جداً بين فتح وحماس، أكثر بكثير مما كانت عليه قبل عدوان غزة». وبالتالي؟ لا يرى الرجل خيراً فورياً آتياً من مصالحات القادة العرب على هامش مؤتمر قمة الكويت للقضية الفلسطينية والوضع في غزة.
يفصل حسن المحمود، وهو بائع خردة في مخيم عين الحلوة، بين ولدين كانا يتعاركان كونهما وجدا قطعة معدنية نقدية في الوقت ذاته. يشتري الرجل لوحي شوكولا بالخمسمئة ليرة ويعطي واحداً لكل طفل. يضحك وهو يجيبنا أنه لا يرى حلاً للخلاف المتعمق بين حماس والسلطة الفلسطينية، وخصوصاً بعد أداء السلطة الفلسطينية خلال العدوان الفظيع على القطاع «فالشباب (يقصد المسؤولين الفلسطينيين) يعانون من خلافات مستحكمة، ولا أحد يقبل بالمشاركة. وبالطبع لا يمكن أن تقسم فلسطين لاثنين»، يضيف ضاحكاً وهو يشير إلى الولدين «وإلا كنا حللناها. فكل منهما يدّعي أنه الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني».
فلسطينيون كثر في عين الحلوة يدعون إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات الفلسطينية الفلسطينية، رأفة «بالقضية وشعب فلسطين» كما تقول مريم الخطيب، وهي ربة منزل. تقول السيدة إن المصالحة ضرورية للمصلحة الوطنية ولعدم استفراد العدو كما حصل في غزة للناس، داعية الله إلى «أن يهدي قياداتنا». كما لا ترى الخطيب أن المصالحات العربية جرت لقناعة العرب بالوحدة والمصير المشترك، فهي بالنسبة إليها مصالحة «عابرة» لأن «الخلافات بين العرب كبيرة جداً وعداواتهم في ما بينهم أكبر من عداوتهم للعدو الإسرائيلي للأسف» كما تقول.