البقاع ـ أسامة القادريغضب الشارع البقاعي لم يهدأ على الرغم من أن الحرب الإسرائيلية على غزة وضعت أوزارها. فالغضب هذه المرة ليس احتجاجياً على آلة القتل الإسرائيلية، بل على ما تتعرض له منطقة البقاع الغربي وراشيا والأوسط من تقنين قاس في التيار الكهربائي، إلى جانب فقدان مادة المازوت المفترض أنها مدعومة من الحكومة اللبنانية. هذا التقنين القاسي الذي يشهده البقاع منذ شهر تقريباً، والذي يصل في أغلب الأحيان إلى 18 ساعة في اليوم، دفع البقاعيين للاحتجاج معتبرين أنه مقصود من جانب المسؤولين.
في هذا السياق، يتساءل علي الخطيب من بلدة مدوخا قضاء راشيا عن سبب التقنين القاسي قائلاً «بالصيف بيقولوا انهم عم يعطوا الكهربا لوسط بيروت من أجل السياحة والفنادق ولا اعرف ماذا، واليوم؟.. لمن يعطوها؟ كمان الكهربا دخلت بالحسابات الانتخابية؟».
أما محمد ساطي، فيرى أن «هذا الانقطاع المستمر معيب بحق الدولة، وخاصةً في فصل الشتاء»، عيب يظل الوضع هيك. «المواطن ما عاد قادر يدفع فاتورتين كهربا.. لا أصحاب المولدات بترحم وكمان الدولة ما بتسأل ولا بترحم.. محتارين شو بدنا نعمل. شغل ما في، كأنو ما بيكفينا بالشتاء ثمن المازوت والاقساط المدرسية». ما ظنه أبو علاء نبعة أوفر، حين استبدل «خط الاشتراك» بجهاز «يو بي أس»، كلفه ثمن بطاريات وجهاز توليد الكهرباء من 12 فولط إلى 220 وات ما يقارب 350$. لكن برغم التكلفة، لم يستفد الرجل هذه المرة لأن ساعات التغذية بكهرباء الدولة لا تتعدى ثلاث أو أربع ساعات كل 12 ساعة. هذه الساعات القليلة لا تعطي جهازه الوقت الكافي لكي تقوم البطاريات بتخزين الطاقة. يقول «كأن الدولة متآمرة علينا هي وأصحاب المولدات.. إذا ظل الوضع على ما هو عليه فسأجد نفسي مجبراً على أن أشترك من جديد مع المولدات وأضع رقبتي تحت رحمة أصحابها».
«يوم أيه يوم أيه الكهربا عنا مقطوعة.. خسارتي عم تكبر بمولدي الخاص». حسابات الحقل عند حسين القاسم لم توافق حسابات البيدر في ظل الانقطاع الطويل للتيار الكهربائي، ما يجعله يشغّل مولده الخاص يومياً ما بين الست والثماني ساعات، ويتكلف مبالغ تفوق كلفة الاشتراك في المولد. يتنهد الرجل وهو يقول ساخراً «الحمدلله عنا كل التيارات التيار العوني وتيار المستقبل بس تيار كهربا مافي».
اعتراض أبو سهيل حسين من بلدة مجدل عنجر ليس أقل حدة، إلا أن ما يرفع من وتيرة غضبه هو ما سبّبه «التيار» من أعطال لأدواته المنزلية الكهربائية، ما جعل خسائره تزداد بسبب تقنين لا ذنب له فيه. وبالطبع ما يتسبّب بذلك هو عدم ثبات قوة التيار في ساعاته الست التي تُغذى بها المنطقة، فتلاعب قوته الفولتية يؤدي إلى أضرار جسيمة في الآلات المنزلية التي تعمل على الكهرباء. «ما بكفي أنو الكهربا ما عم تجي، واذا اجت بتنوص بسرعة. شوف كيف حرقتلي موتير البراد وكمان التلفزيون والريسيفر».
يجزم سامر عباس أن الانقطاع المستمر في التيار الكهربائي في مصلحة المرشحين للندوة البرلمانية، لكونه يمثّل مادة دسمة «لتحركهم» وتنصيب أنفسهم خائفين على المصلحة العامة. «أربع سنوات ما شفناهم، اليوم جايين يتسابقوا لعقد مؤتمرات صحافية يحذرون فيها الحكومة من نزول المواطنين إلى الشارع للاحتجاج»!. يربط عباس انقطاع التيار عن منطقة البقاع، بما تتعرض له مادة المازوت من احتكار لمافيا المازوت، لما لهذه المادة من ضرورة في المنطقة لأغراض التدفئة في فصل الشتاء «القصة كلها قصة انتخابات، والمواطن مجرد رقم لا أكثر ولا أقل».