من ينصف الأسرى المحررين؟ وزارة المال تجمد تعويضاتهم المقرة بقوة القانون. مجلس الجنوب يعجز عن تسديد رواتبهم. وزارة التربية والتعليم العالي حائرة في اتخاذ قرار تنظيم امتحان لمن منعته زنازين العدو من إجرائه. أما أساتذته فاختاروه «ضحية جديدة» لتصفية حساباتهم السياسية
بسام القنطار
يعيش الأسير المحرر حسين سليمان مرحلة جديدة من الترقب والانتظار. الترقب هذه الأيام لا يرتبط بالمجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر، الذي ماطل طويلاً قبل أن يتخذ قراراً بإطلاق سراحه. بل بمماطلة عدد من أساتذة معهد العلوم الاجتماعية ـــــ الفرع الأول في الجامعة اللبنانية، عن تحضير أسئلة امتحانات لدورة استثنائية، للطالب، الذي حالت القضبان بينه وبين موعد دورة الامتحانات العادية.
القصة بدأت عندما وقع سليمان في الأسر. كان حسين لتوه قد أنهى دراسته الثانوية ويخطط للتسجيل في الجامعة العام الدراسي 2006ـــــ2007، وعندما شارف عام 2007 على الانقضاء، وأعلن عن تقدم في ملف تبادل الأسرى، بعث سليمان من داخل زنزانته رسالة إلى والدته، طلب فيها تسجيله في المعهد للعام الجامعي 2007ـــــ2008 وكان له ما أراد.
خرج سليمان من الأسر، وكانت فترة الامتحانات الجامعية قد انقضت. وبتاريخ 15/9/2008 تقدم من رئيس الجامعة الدكتور زهير شكر بطلب إعفائه من الامتحان وترفيعه إلى السنة الثانية. سلك الطلب المسار الإداري المعهود: من مدير الفرع الأول الدكتور محسن صالح إلى عميد المعهد بالتكليف الدكتور فريدريك معتوق، الذي أحاله إلى رئيس الجامعة مع مطالعة تقول: «إن ترفيع الطالب إلى السنة الثانية غير مطابق للقوانين». واقترح معتوق على الرئيس «أن يمنح الطالب امتحاناً استثنائياً». فوافق رئيس الجامعة على الاقتراح وطلب «إعداد أسئلة الامتحان للطالب المذكور». وبتاريخ 17/12/2008 طلب مدير الفرع الأول من أساتذة السنة الأولى وضع الأسئلة وإيداعها أمانة السر في مهلة أقصاها 9/1/2009.
القرار لم يرق لعدد كبير من الأساتذة، بينهم ممثلهم في الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية الدكتور نزيه خياط، الذي يشغل منصباً قيادياً في «تيار المستقبل». تولى خياط إثارة الموضوع عبر الرابطة التي شجبت القرار ووصفته بـ«الاستنسابي».
لاحقاً، تفاعلت القضية، واتخذت منحى التحليل النفسي والسوسيولوجي لـ«امتحانات الأسير المحرر» عبر بيان حرره الدكتور عبد الله إبراهيم ووقعه بالاشتراك مع الدكتور حسان حمدان. وصف البيان القرار بأنه «انتقال حزين لمفهوم الأسير المحرر من عالم الرموز إلى عالم المحسوس، وأوحاله وتناقضاته واستخداماته الوظيفية المتعددة ـــــ المتنوعة. والخسارة المعنوية التي لحقت بمفهوم الأسير المحرر لا تعوض. ولا يعوضها بالتأكيد إجراء أي امتحان، ففي المعادلة (لقد ضحى في سبيل التحرير) وقع معنوي أكبر بكثير مما في معادلة (علينا التعويض عن خسارته)».
وأصدر، أمس، مجلس أساتذة الفرع الأول في المعهد «بيان رقم 2» جدد الاعتراض على القرار وآلية وضع أسئلة الامتحانات، وأشار إلى أن الأساتذة «لن يسمحوا بإجراء أي امتحانات لا يشاركون في الإشراف عليها وعلى نتائجها». علماً بأن عدداً منهم امتنع عن تسليم الأسئلة، رغم صدور قرار رسمي عن المدير. إضافة إلى مطالبة آخرين بسحب الأسئلة التي سلموها.
وسط هذه الأجواء قال الأسير المحرر سليمان لـ«الأخبار»: لقد دافعت عن وطني ولم أدخل السجون الإسرائيلية لأنني سارق». وأضاف: «أصر على حقي بتقديم امتحان استثنائي وأستغرب الحملة التي خيضت ضدي. أعتقد أنني لو درست بالمراسلة داخل السجن، كما فعل زميلي سمير القنطار، لكانت سلطات العدو متساهلة معي أكثر من الجامعة اللبنانية».


«مش محرزة»

«مش محرزة»، هكذا علّقت وزيرة التربية والتعليم العالي، بهية الحريري، في اتصال مع «الأخبار» على موضوع الدورة الاستثنائية للأسير المحرر حسين سليمان.
وأضافت: «أصبحنا في منتصف العام الدراسي ويمكن الأسير المحرر أن يتقدم في حزيران للامتحانات العادية». وعن صلاحية رئيس الجامعة زهير شكر في اتخاذ القرار قالت: «سوف أدرس الموضوع معه ونتخذ القرار المناسب.
وكنت أفضل لو عولج بعيداً عن الأضواء». وعن مطالبة بعض الأساتذة باستصدار مرسوم في مجلس الوزراء يجيز الدورة الاستثنائية، قالت الحريري: «أعتقد أن الموضوع من صلاحيات مجلس الجامعة، ولا يحتاج إلى مرسوم من مجلس الوزراء، لكن المجلس معطل». وعلمت «الأخبار» أن الحريري ستجتمع اليوم مع شكر لبتّ الموضوع، علماً بأن مصادر الرئيس أفادت بأنه سبق أن استشار الحريري قبل توقيعه القرار.