لمى عوادالقصة يا صديقتي، أن هناك مجرمين يُحاصرون مدينتنا الجميلة، ويمنعون عنها كلّ إمكان للحياة. يتركون المجال للموت فقط بالتعشّش في زواريب المدينة. يسمّيه البعض حصاراً، لكنّه وسام، أو قولي دافعاً للقتال والقتال؛ وما أجمل القتال.
صديقتي، لا تظني أني أقصد كياناً سمّوه إسرائيل عندما أقول إن هناك مجرمين يحومون فوق غزة ويؤرقون أطفالها. لا يا صديقتي. أتذكرين أصحاب العباءات الذين حوّلوا حبيبتك بيروت إلى وكر دعارة. أتذكرينهم. هؤلاء مجرمون. أتذكرين أولاد النيل. هؤلاء الذين قتلوا جمال عبد الناصر. وسجنوا أحمد فؤاد نجم. أتذكرين الذين قدموا مليون شهيد، والذين صدّروا فكر البعث. هؤلاء مجرمون. جميعنا مجرمون.
أتذكرين يا صديقتي أحلامنا السابقة في تحرّر عربي، وديموقراطيّة وحقوق إنسان، وغيرها من الشعارات التي لطالما رفعناها. لا وقت لهذه الشعارات اليوم. فطفل غزّة لم يتعلّمها بعد، ومن تعلّمها قضى شهيداً.
أتذكرين يا صديقتي؟ أنا لم أعد أذكر، إلّا أنني لم أمت بعد. لهذا أخبرتك أمس أني أرغب في كسر حصار غزة. أتذكرين ذلك الرجل الذي قال: «إذا كنّا مدافعين فاشلين عن القضية، فالأجدر بنا أن نغير المدافعين، لا القضية». الأجدر تغيير العرب.