عمر نشّابةكيف يمكن أن يثق المواطنون بدولة تغيب عنها مؤسسات قضائية فعّالة؟
كيف يمكن أن تتعامل الدولة مع حوادث ومشاكل أمنية وحقوقية بغياب سلطة قضائية فعّالة؟
القضاء اللبناني ينهار والإصلاح تأجّل بعدما تأجّل بعدما تأجّل منذ اتفاق الطائف. ويعبّر قضاة عن إرهاقهم من دراسة عشرات الملفات المكدّسة على مكاتبهم، ويشكون من نقص حادّ في اختصاص الضابطة العدلية ومهنيتها. وفي غضون ذلك يحقّق مجلس الوزراء رقماً قياسياً في عدد القضايا التي أحالها على القضاء العدلي منذ قيام لبنان.
ففي النظام القائم توزّع الحكومة الأوامر والتوجيهات وترفع راية القيادة من دون أن ينفّذ القيّمون عليها المطلوب منهم تماماً. ولا يقتصر المطلوب على إصدار التشكيلات القضائية بل يتعداه إلى إطلاق ورشة إصلاح القضاء برمّته.
إن عجز الحكومة عن القيام بذلك قد يُفسّر من خلال البحث في أمراض تأليفها. فبدل أن يفصّل ثوب الحكومة على قياس جسم متكسّر يحتاج إلى نسيج خاص يعيد إليه اللحمة، فَبْرَك الزعماء بدلة رسمية متفكّكة بربطة تُحشر فيها الأعناق. كيف يمكن الاعتماد على حكومة كهذه للتوافق على التشكيلات القضائية؟
بعض وزراء الحكومة عاجزون عن الإصلاح لأسباب قاهرة. أما الآخرون، فتفرض عليهم مصالحهم أن يكونوا جزءاً من السلطة التنفيذية بالشكل لا بالمضمون. منهم الضامنون لحقوق مذاهبهم وطوائفهم ومناطقهم، ومنهم من لا يهمّهم كلّ ما لا يعني مصالحهم الشخصية والحزبية وعلاقاتهم الخارجية. أما وضع البرلمان، فحدّث ولا حرج: نوّاب أمّة تعرّف الناس إلى عقولهم بعد الاحتفال بنصرهم الانتخابي. نصر تحقّق بواسطة صور وجوههم الفوتوغرافية الملوّنة أو بواسطة انحيازهم الطائفي أو المذهبي أو المناطقي، أو بسبب كونهم، بكل بساطة، ركاب أوتوبيس الزعيم. من منهم يعرف الفرق بين النائب والعنتر؟ من منهم يعرف الفرق بين التشريع والتجارة؟ وبين التحاور والتناحر؟ وبين العدل والثأر؟
ذبل شعار «دولة القانون والمؤسسات» وخابت آمال المواطنين الذين تابعوا باهتمام خطابات الرؤساء والوزراء والنواب بهذا الشأن منذ اتفاق الطائف.