بسام القنطارقبالة النصب التذكاري للرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر على رصيف عين المريسة، اختارت الجمعيات البيروتية أن تتضامن مع غزة. المكان يعني كثيراً للذين اجتمعوا هناك، وغالبيتهم من المقاتلين القدامى في التنظيمات الناصرية التي جابهت القوات الإسرائيلية في تلك الساحة وفي السوديكو والفاكهاني والبسطة.
عريف الحفل كان واحداً من هؤلاء. اعتلى عبد العزيز مجبور، أبو عامر، المنصة، وألقى خطاباً ذكر فيه جمال عبد الناصر عشر مرات على الأقل. وفي كل مرة كان يعلو الهتاف والتصفيق. ثم توقف فجأة وقال: «تعود بي الذاكرة اليوم إلى عام 1982 حيث كنت أقف هنا في ساحة عين المريسة، وكانت خلفي البارجات الإسرائيلية وأمامي الجيش الإسرائيلي. وكان أهلنا هنا يتصدّون لهم موقعين بهم الهزائم». استعاد مجبور تلك الحادثة ليقول لأهل بيروت من خلال التضامن مع أهل غزة «إن هذا هو تاريخنا وتراثنا وما تعلّمنا إلا أن نكون قوميين».
لكن ما لم يقله مجبور قاله القيادي في الاتحاد الاشتراكي العربي ـــــ التنظيم الناصري عاطف الغضبان. فقد شنّ حملة قاسية على النظامين المصري والسعودي، خارقاً الهدنة الإعلامية التي تلت المصالحة العربية في قمة الدوحة. وسأل الغضبان: «أيّ حرمين يحميهما خادم الحرمين؟ إنه يستخدم ماله من أجل أن يبقى على الكرسي، ولم تبقَ بقعة في الأرض إلا حرّض فيها طائفياً: من الشيشان إلى لبنان». ولم ينسَ الغضبان أن يوجّه تحية إلى «تشافيز الناصري الذي قاطع الصهاينة». النائب السابق بهاء الدين عيتاني قال أيضاً إن «انتصار غزة فتح من جديد عصر المقاومة الذي وضع شعاره جمال عبد الناصر، منذ 40 عاماً، عندما قال إن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة».
أسدل الستار على الخطابات السياسية. اعتلت المنصة الطفلة شيماء عبد الله، وقالت لأطفال غزة: أنا لا أستطيع أن أذهب إليكم، لكن أبي وعدني بأن يأخذني في أقرب فرصة. لقد بدأت منذ اليوم أجمع المال من مصروفي من أجل أن أشتري لكم أحلى الهدايا ليوم لقائنا».