أحمد محسنوتلك هي مدرسة الأونروا. مدرسة الفقراء، الذين لا مدرسة لهم. أحرقوا مقاعدها وأذابوا أجساد أولادها بالفوسفور. لو أن الفوسفور رجل لانتحر في الهواء. في الطريق إلى مدارس الأونروا بقايا طعام انتهى في اليوم العاشر للعدوان. رائحة حرب تفوح من أفواه الأشجار الباقية. أناس تبحث عن جدار تختبئ خلفه لتبكي، وشعب يتيم يبحث عن صقيع يؤنس وحدته.
ينمو صوت الطيران في ذاكرتهم، وعندما يصير كبيراً، ينقض عليهم. يحول أسرّتهم إلى غبار. ماذا نقول لهم؟ سيسقط الثلج؟ لا لن يسقط. سترتفع الأيدي إلى السماء عمودياً. سقط الشتاء في غزة. سقط أسودَ شاحباً كغراب عاجز. هاتوا لهم حطباً ليحرقوا به المرحلة. هاتوا لهم ميلاداً جديداً، لا يتسخ ببحيرة الدم.
الحياة مزيّفة في غزة. لاجئون في أوطانهم، سجناء في سماءاتهم. الطقس غائم في القطاع، والصواريخ تنهمر. افتحوا المعابر. يقولون عما حصل إنه نصر. أي نصر؟ أكره ثقافة إسبارطة هذه. خسر الاحتلال لكنه ترك أنيابه في مقابرنا. تنهش ذاكرتنا. ترك لنا موتاً نرتديه في العام المقبل. كل موت وأنتم بخير يا أحبائي. عمتم مساءً يا أطفال الفوسفور الأبيض.