القصة لنبيهة محيدلي والرسوم لجينة الأصيل، عن دار الحدائق. يعرّف الكتاب بنفسه، إنه رحلة في عالم الحيوان. من الحيوانات الصغيرة حتّى الكبيرة والضخمة منها. الكتاب من الحجم الكبير، تأخذ النصوص والرّسوم فيه مساحات متناسقة متوازية في الصّفحات. تنطلق «تفاحة»، الفتاة الصغيرة في رحلة بين حروف الأبجدية، وتختار لكلّ حرف حيواناً يبدأ اسمه بهذا الحرف، لتتكلّم عليه في مقطع صغير. تعرّف القرّاء على شكله، وبيته، وطعامه، وعائلته، وعلاقة البشر به وأهمّ ميزاته. تتوجّه الكاتبة بلغة علميّة بسيطة، شارحة أبرز مميّزات الحيوان المقصود، تصفه من الخارج، وتصف صوته، وجلده، وحجمه، ومكان عيشه، وطعامه، وأسماء أولاده، ثمّ تتكلّم على طريقة تناسله وعن الفئة الّتي ينتمي إليها. هنا تستعمل الكاتبة تصنيفات علميّة بسيطة للفئات، لكنّها تؤجّل شرحها إلى آخر الكتاب حيث الجداول الّتي تبيّن الفرق بين الفقريّات واللافقريّات، والفرق بين الحيوانات اللبونة، والطيور، والزواحف، والحيوانات البرمائية والحشرات. يبدو النّصّ للوهلة الأولى ضروريّاً لمكتبة القارئ الصغير العلميّة، لكن التّدقيق في محتوياته يجعل متصفّحه يتخوّف من أن ينتاب الملل القارئ الصغير، فلا تلجأ الكاتبة إلى أيّة حكاية أو تشويق، ولا تدعو الصّغار إلى التّعجّب والإعجاب، ويخلو الكتاب كلّيّاً من عناصر المفاجأة والسّحر والمتعة اللذيذة.
رغم صحّة معلوماته العلميّة، لا يبدو الكتاب مرجعاً دائماً، فالقارئ الصغير الباحث عن معلومات علميّة يجدها بطريقة ممتعة ومستفيضة في مصادر إلكترونيّة.
إلى ذلك، يُلاحظ استخفاف بذوق القارئ الصغير الأدبي، وهنا يجدر التّذكير بأن احترام ذوق القارئ الصغير يحوّله إلى متذوّق للموسيقى الأدبيّة عندما يصير قارئاً كبيراً، وهذه ميزة كتب الأطفال الخالدة في المكتبة العالميّة، يمضي كاتبها عادة فترة طويلة مجمّعاً مادّته العلميّة ومتحرّياً ومجمّلاً ومنمّقاً جوهرته الصّغيرة قبل تلقينها لعقل خام ورسم ذوقه المستقبلي (أو تشويهه؟).
أمّا الرّسوم في هذا الكتاب، فلا تقدّم جديداً على النّص، أي أنّها تترجمه مباشرة ودون تكلّف وإبداع صورة مكرّرة للكلام. تبدو بساطة الخطوط طفوليّة وغير متكلفة، إلّا أنّها لا تبرز اهتماماً زائداً بالنّوعيّة وبذوق الأطفال. إلى ذلك، لا تتوسّل الفنّانة دقّة علميّة، فيضيع مجدّداً هدف الكتاب، إن كان مرجعاً علميّاً فهو غير كاف، وإن كان كتاب مطالعة للمتعة فقد نُسيت هذه الأخيرة في معظم الصّفحات.