فداء عيتانييدخل الرئيس الأميركي باراك أوباما بكل الزخارف الاستعراضية التي تمثّل مسرح السياسة في الولايات المتحدة، وهو نظيف الكف والقلب من مجزرة غزة. ومع دخوله عاد العديد من العرب إلى استجداء التعاطف والحلول لمشكلاتهم المستعصية. المملكة العربية السعودية التي لوّحت بأن المبادرة العربية للسلام لن تبقى طويلاً على طاولة المفاوضات، بدأت ترتفع منها أصوات محذرة من أن السلفية الجهادية قد تقوى وينضم إليها المزيد من السعوديين إذا لم تلتفت الولايات المتحدة إلى مبادرة السلام وحل الصراع العالق.
يعرف سيد البيت الأبيض كما غيره أن التلويح بالسلفية الجهادية يعطيه المزيد من الزخم في الشارع الأميركي، ومن مبررات الفشل لاحقاً وتحريك الجيوش في المنطقة هنا. وأما التلويح بسحب المبادرة العربية للسلام فليس أكثر من كلام شخص عاجز، طرح مبادرة لم يعمل على تحشيد القوى من أجل إنجاحها، ولم يدعم عوامل تقويتها، ومن أهمها القدرة العسكرية، والدعم السياسي للمقاومة حيثما وجدت.
وبالتالي فإن طرح مبادرة مع تجريدها من كل عناصر القوة والضغط يشبه كاهناً يعظ في عاهرات يبحثن عن لقمة عيشهن. فقد أبكت المبادرة الولايات المتحدة إلا أنها لم تمس مصالح أي من الأطراف الرئيسية في الصراع.
في لبنان لا تختلف الصورة كثيراً. هناك من يراهن على أن المسار الأميركي العربي المشترك سيوصله إلى برّ الأمان وحكم هذه البلاد، وأن الانتظار والمراهنة على حصان المشروع الأميركي هو أفضل الحلول ليكسب سلطة لا تني تصبح أكثر هشاشة وأكثر ضعفاً يوماً إثر آخر.
هذا البعض يتعامل مع السياسة بصفتها عطيّة تُمنَح إليه، وتجلب له السلطة عبر مراهنة بسيطة. وهو قد فاز في الماضي بالكثير الكثير لمجرّد رهانه على النظام السوري، واليوم قد نقل المراهنة على الحصان الآخر، وينتظر النجاح، ويبيع الأمل للمواطنين عبر تسويق مجموعة من الشعارات البرّاقة. شعاراته نفسها لم يتمكن من تطبيق أيّ منها، ليس فقط لأنه تعرّض إلى مواجهة جدية أظهرت عجزه، بل أيضاً لتناقض هذه الشعارات مع مصالحه المباشرة البسيطة، فهذا البعض المكوّن لقوى 14 آذار سيكون أكبر المتضررين إذا قامت في لبنان دولة.
هناك من يبيع الآمال المزيفة للعرب واللبنانيين، ولكن الأمل في الحقيقة هو في مكان آخر تماماً.