لا يشير مصطلح «كافيتيريولوجي» إلى أحد اختصاصات «الفندقية»، بل يعني كما يعرف كلّ الطلاب الجامعيين أولئك الذين يتناسون عمداً متابعة محاضراتهم ويمضون أوقاتهم في مقصف الجامعة
محمد محسن
لكلّ طالب «كافيتيريولوجي» أسبابه الخاصة التي دفعته إلى مقاعد لن توصله على الأرجح إلى الإجازة الجامعية. وعلى رغم أنّ «الكافيتيريولوجيين» يبدون الاستعداد للحديث عن تجربتهم بابتسامة مرحة، إلا أنّ معظمهم يشعر بالحرج حين يبدأ الحديث، وخصوصاً حين تتردد إلى مسامعهم النظرة التي تقول إنّهم «فاشلون ومهملون لدراستهم».
يرفض علي، الطالب في السنة الأولى كيمياء، التوصيف، فيشير إلى أنّ مداومته في كافيتيريا مجمع الحدث الجامعي جاءت نتيجة اصطدامه باختصاصه الصعب الذي «أجبرتني ظروفي المادية على اختياره». ويؤكد علي أنّه ينتظر مع زملاء له الانتقال إلى كليّة أسهل العام المقبل، «فنحن لسنا سعداء هنا، ولسنا فاشلين كما يصورنا البعض». لكن ما علاقة المفاجأة بطبيعة الاختصاص باللعب المتواصل بورق الشدّة في الكافيتيريا؟ أليس الحديث عن الاختصاص هو لتغطية الإهمال؟ يجيب علي بكل هدوء «مش هيك، بس الواحد بدّو يتسلّى، وبالشتا الورق بيسلّي».
يصعب التصديق أنّ الأسباب التخفيفية التي ساقها علي هي وحدها التي تسبب تسرباً جامعياً إلى مقاعد الكافيتيريا. هذا ما يؤكده أيمن، الطالب في كلية الآداب، مشيراً إلى أنّ الجلوس في الكافيتيريا بشكل شبه دائم يغريه، والسبب هو كثرة العلاقات التي ينسجها مع الجنس اللطيف. ويرى أيمن أنّ هذه العلاقات «أكثر إفادةً من الدرس، وخصوصاً أنّ الاختصاصات الأدبية لا تحتاج إلى متابعة يومية». ينهي أيمن كلامه ويتوجّه نحو طاولة مواجهة لمبنى الكليّة يقول إنّها محجوزة باسمه نظراً لاعتياده الجلوس هناك.
ليس بعيداً عن أيمن، فإنّ علاقة مالك وربى تشير إلى نوع آخر من «الكافتيريولوجي» تتجسّد بالتقصير الدائم في حضور الصفوف، بسبب الحب الذي يجمعهما. يؤكد مالك وربى أنّهما ليسا مهملين لدراستهما، والسبب هو عدم إلزامية الحضور في اختصاصهما، كما أن الامتحان يأتي آخر السنة «وبعد بكّير». لكن للسياسة دورها في «الكافيتيريولوجي»، فيشير مسؤول طلابي في أحد التنظيمات السياسية رفض الكشف حتى عن اسمه الأول، إلى أنّ الكافيتيريا في الجامعة لها وظائف متعددة كـ«الاجتماعات المكشوفة». كما أنّها نقطة يستطيع من خلالها أي مسؤول حزبي رصد الجامعة وتحركات عناصره على الأرض، وهنا يؤكد الشاب أنّ «الكافيتيريولوجي» أمر ضروري لعمل الأحزاب إلى جانب عملها الرئيسي داخل قاعات الدراسة وأثناء فترات الدوام الدراسي.
تتسّع رقعة «الكافيتيريولوجي» فتشمل بعض الشباب الآتين من خارج الكليّات الذين يختارون الجامعة تبعاً لما تقرّره علاقات «الفايسبوك»، ولا فرق هنا بين جامعة رسمية أو خاصة. وإذا لم يسمح لهم بالدخول إلى كافيتيريا الجامعة، فالأمر سهل جداً حين تكثر المقاهي المحيطة بالجامعات. وبسبب مواظبة «الكافيتيريولوجيين» على الوجود في المقاصف، نسج بعض أصحاب المقاهي علاقات قوية مع بعض ممن يستطيعون جذب الطلاب إلى مقاهيهم. كما أنّ بعض الطلاب يفتحون حساباً شهرياً في الكافيتيريا بعد نمو ثقة بينهم وبين مستثمري الكافيتيريات رسّخها حضورهم اليومي والدائم.