طرابلس ـ عبد الكافي الصمدحتى ساعة متأخرة من ليل أمس، لم يكن التمرد الذي نشب في سجن الرجال في القبة بطرابلس قد خمد. وأشارت معلومات أمنية إلى أن المفاوضات التي قادها ضباط الدرك والنائب محمد كبارة مع السجناء لم تتوصل إلى إنهاء التمرد الذي تغيرت مطالب القائمين به أكثر من مرة.
وذكر مسؤول أمني أن التمرد قاده 4 سجناء، قبل أن ينضم إليهم نحو 80 سجيناًً، تمكنوا من احتجاز اثنين من حراس السجن غير المسلحين، وبدأوا يضرمون النيران في بعض مقتنيات الزنازين، فضلاً عن الدخول إلى صيدلية السجن حيث تمكنوا من الاستيلاء على الأدوية الموجودة فيها والحصول على قارورة غاز ومواد سائلة سريعة الاشتعال (تينر). كذلك استطاع السجناء الحصول على هواتف خلوية وعلى هاتف ثابت داخل السجن.
وكان السجناء المتمردون في بداية تحركهم يطالبون بتحسين الأوضاع المزرية في السجن، من ناحية الطعام والعناية الطبية، فضلاً عن توسعة مكان المقابلات وإيجاد مكان للنزهة (لا توجد في السجن باحة للنزهة). ولاحقاً، ازدادت حدة التحرك وتوسعت النيران، مع الإشارة إلى أن أكثر المتمردين هم من المحكومين بفترات سجن طويلة، وبينهم منقولون تأديبياً من سجون أخرى، كذلك فإن بعضهم شارك في تمردات سابقة، وآخرها تمرد مبنى المحكومين في سجن رومية قبل أشهر.
وقد طالب السجناء، بحسب مصدر أمني، بمقابلة وزير الداخلية زياد بارود لعرض مطالبهم عليه، بعدما علموا بوجوده في طرابلس لرعاية مهرجان الذكرى السنوية الأولى لاغتيال الرائد في قوى الأمن الداخلي الشهيد وسام عيد.
وانتقل إلى داخل السجن عدد من فاعليات مدينة طرابلس، بينهم الشيخ بلال دقماق الذي قال لـ«الأخبار» إن قائدي التمرد هما: السجين ي. أ. (ابن عميد متقاعد، محكوم بالسجن المؤبد) وع. غ. وأشار دقماق إلى أنه تحدّث إلى السجينين اللذين لم يتمكنا من تحديد المطالب بشكل صريح، «ربما بسبب تعاطيهما بعض الأدوية التي استولوا عليها من داخل الصيدلية». وأشار دقماق إلى أن القوى الأمنية كانت تتعامل مع المساجين بإيجابية قصوى.
ولاحقاً، دخل إلى السجن للتفاوض مع المتمردين نائب طرابلس محمد عبد اللطيف كبارة وقائد الدرك العميد أنطوان شكور وقائد منطقة الشمال الإقليمية العميد علي اللقيس وآمر سرية طرابلس العقيد بسام الأيوبي وعدد من الضباط. وأدخلت سيارات للصليب الأحمر والدفاع المدني.
وقدّم السجناء لائحة بالمطالب بدأت بإصدار عفو عام عنهم، قبل أن تتراجع إلى تحسين أوضاعهم داخل السجن، فضلاً عن تطبيق المادة 108 من مرسوم تنظيم السجون التي تنص على خفض مدة السجن لذوي السيرة. وأشار المفاوضون إلى أن قانون تنفيذ العقوبات (463 الصادر عام 2002) ينص على خفض العقوبة، لكنه لم يدخل حيز التنفيذ، علماً بأن وزارتي الداخلية والعدل، وبمساعدة الأمم المتحدة، تضعان اللمسات الأخيرة على الخطوات الآيلة إلى بدء تطبيق القانون المذكور.
وقد احتشد عدد كبير من أهالي السجناء في محيط السجن، وعززت القوى الأمنية من وجودها في المنطقة، فارضةً طوقاً مشدداً حوله. وقال مسؤول أمني رفيع لـ«الأخبار» إن القوى الأمنية ستستمر بالتفاوض مع المتمردين حتى صباح الغد (اليوم)، علماً بأن الخيارات الأخرى، كالقيام بعمل عسكري، لا تزال مطروحة، لكن ابتداءً من الصباح.
تجدر الإشارة إلى أن سجن القبة هو أحد أسوأ السجون في لبنان من ناحية الأوضاع الإنسانية في داخله. وينزل فيه نحو 504 بين محكوم وموقوف، وتقدّر قوى الأمن الداخلي سعته بنحو 550 سجيناً. ويقع السجن داخل ثكنة أنطوان عبيد، ولا توجد فيه باحة للتنزّه.