برج البراجنة ــ قاسم س. قاسممع انتهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، تغيّر المزاج الشعبي الفلسطيني في مخيم برج البراجنة، أو على الأقل ما يعلن منه عن نفسه على جدران المخيم أو فسحاته العامة. وكما يروي أهل المخيم، ففي البدء كانت حركة «فتح» هي المسيطر الأول على مشهد المخيم، من حيث الوجود العسكري والتنظيمي وبالطبع الشعاراتي. تغيّر ذلك مع خروج قيادة فتح من لبنان، لتحل مكانها الجبهة الشعبية ـــ القيادة العامة. وفي عام 2007 عادت «فتح» لتظهر مجدداً متحوّلة إلى القوى الأكبر في المخيم، من حيث السيطرة وأعداد المناصرين. أما اليوم، ومع انتهاء العدوان، فقد تغيّر ذلك أيضاً، ليصبح الميل الشعبي الطاغي إمّا حمساوياً أو مناصراً لحماس.
هكذا، يمكن من يسير في المخيم أن يدرك ذلك بمجرد النظر إلى جدرانه التي تملأها صور الحركة ورموزها التي كانت الهدف الأول لإسرائيل من اعتدائها على غزة، بعدما كانت هذه الجدران تجمع من لا يمكن جمعهم على أرض الواقع، كصور رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس المنتهية ولايته، ورئيس وزرائه المقال إسماعيل هنية. تبدلت خلال العدوان وبعده تلك الصور، فحلت مكانها صور شهداء حماس والجهاد الإسلامي ومقاوميهما وقادتهما. في أيام الحصار على القطاع، وخصوصاً خلال العدوان عليه ازداد التأييد الشعبي لحماس، فارتفعت أعلامها الخضراء وانتشرت في الأزقّة شعارات مؤيدة للحركة. لا بل إن تغييراً مسّ للمرة الأولى الرمز الذي لا يمسّ عادةً أي العلم الفلسطيني، حيث أضاف بعض «المتحمّسين» عبارة «لا إله إلا الله» بحروف مطبوعة على العلم، الذي كان برفرف فوق بعض البيوت المناصرة للحركة. لم تحصد حماس وحدها المزاج الشعبي، فالفصائل الأخرى التي شاركت في القتال ارتفع رصيدها أيضاً. التأييد وصل إلى أنصار التنظيمات الأخرى، إن لم يكن بالأيدولوجيا، فبالموقف من المقاومة. هكذا، تعاطف بعض اليسار الفلسطيني مع الجبهتين الشعبية والديموقراطية، وكتائب الأقصى دون فتح، بمعنى أنهم تعاطفوا مع من هم بالميدان. أمّا من لا انتماء له، فقد غيّر موقفه وأصبح مؤيداً للفصيل الأكثر عدائية تجاه إسرائيل وأميركا. تبدّل المزاج الفلسطيني باتجاه الفصائل. الثابت الوحيد الذي بدا أنه لا يمكن تبديله كان مزاج حب فلسطين.