البرج الشّمالي ــ آمال خليلمنذ نصبت اللجان والفصائل الفلسطينية في مخيّم البرج الشمالي في صور خيمة للتضامن مع غزة، في اليوم الأول للعدوان، وعدت بتنظيم احتفال قريب بالانتصار، وهذا ما فعلته مساء أول من أمس. فقد التأم أبناء المخيم للمشاركة في الاحتفال الذي نظّمه نادي النهضة ومركز الشباب الفلسطيني، ألقيت خلاله كلمات لممثلي مختلف القوى الفلسطينية. وكان مقرّراً أن يختتم اللقاء باتصال مباشر من غزة مع القيادي في حركة حماس مشير المصري، لكن مشكلات تقنية حالت دون ذلك، من دون أن تحول دون بقاء غزة محور أحاديث معظم سكان المخيم.
على بعد أمتار من مكان الاحتفال، نسوة يشربن القهوة في زقاق ضيّق يشكل باحة بيوتهن، أطفال يلعبون كرة القدم، عائلة منهمكة بتحضير الطعام، ومسنّون من زمن نكبة 1948 يتذكّرون غزّة التي ولدوا فيها.
الخوف من تداعيات العدوان، على الداخل كما على مخيمات اللاجئين خارج فلسطين، يطغى لدى البعض على حديث الانتصار. تبدو سعاد فرحات الأقدر على رؤية الخوف القادم من غزة، وفقاً لما ينقله إليها أهلها المقيمون في مخيم جباليا الذين تتواصل معهم يومياً. تنقل عنهم أن «مواد الإغاثة والمساعدات لم تصل إلى اللاجئين، ومنهم 120 لاجئاً يقيمون في معسكر جباليا وحده. أما سكان غزة الأصليون، فإن المساعدات القليلة المتوافرة لا تتوزع بينهم بالتساوي، بل وفق اعتبارات مختلفة». حزينة سعاد على غزة التي تصفها بـ«كاسرة العدوان والإرادة الإسرائيلية» بدلاً من المنتصرة. حزينة على القطاع الذي ولدت وكبرت فيه حتى انتقلت للعيش في مخيم البرج الشمالي بعد زواجها قبل 16 عاماً. خائفة من استمرار الحصار الذي منعها الصيف الفائت من زيارة القطاع، بسبب إغلاق معبر رفح الذي انتظرت على أعتابه شهرين للدخول من دون جدوى.
من جهة أخرى، يخشى آخرون، ومنهم محمد خضر من «الدور العربي المشبوه لمحاولة زعزعة الوضع الداخلي الفلسطيني من خلال التمييز بين فتح وحماس في تسليم المساعدات وإعادة الإعمار وانعكاساته على المخيمات في لبنان حيث تنشط اللجان الشعبية للملمة الوضع». لكن ما يتفق عليه الفلسطينيون بعد العدوان، هو شعورهم بمؤازرة اللبنانيين لغزة، بدءاً من مواقف رئيس الجمهورية، وصولاً إلى التجمّعات الشعبية وخصوصاً في الجنوب، بغضّ النظر عن المواقف المغايرة التي لا تنصف المقاومة اللبنانية أصلاً. يقول محمد إنهم باتوا يشتركون الآن مع الجنوبيين في قاسم هزيمة العدوان وصدّه مع اعتبار الفروق في طبيعة المعركتين: «المهم أن ملامح النصر بانت لدى الشعبين، كما انكشفت ملامح المؤامرة والتواطؤ ضدهم» يقول.