محمد محسنلم تفلح الانتفاضة المبكرة التي قام بها عمّال التنظيفات في كليّة العلوم ـــ الفرع الأول في الجامعة اللبنانية، في الرابع من كانون الأول من العام الماضي، في إبقاء وضعهم الوظيفي داخل الكليّة على حاله. إذ اعترض العمال آنذاك على تلزيم شركة جديدة صيانة كليات مجمع الحدث الجامعي وخافوا من أن يجري استبدالهم بعمالٍ أجانب أو حتى لبنانيين غيرهم، أو تبديل شروط عملهم.
إذاً فشلت الانتفاضة وغادر العمال كلية العلوم التي عملوا فيها لفترة طويلة. فذهب بعضهم إلى أماكن عمل جديدة فيما رفض البعض الآخر العرض الذي قدمته الشركة الجديدة إليهم.
يبدي العمال الذين قبلوا شروط الشركة الجديدة ارتياحهم لعملهم الجديد، وخصوصاً في ظل الظروف الجيدة التي يعملون من خلالها. ويستغرب هؤلاء رفض زملائهم للعمل، علماً أنّ الراتب الذي أمّنته الشركة الجديدة يتناسب والحد الأدنى الذي يحدّده قانون العمل اللبناني بعد تعديله، إضافةً إلى تثبيت العمال في الضمان الاجتماعي، وتأمين مواصلاتهم من مكان العمل وإليه، على حساب الشركة.
إذاً أين المشكلة التي استدعت مغادرة العمال للكليّة؟
يشير أحد العمال الذي رفض الكشف عن اسمه إلى أنّ فرصة العمل مع الشركة الجديدة لم تستثن عمّال كليّة العلوم، لكنّ المشكلة التي أدّت إلى ترك بعض العمّال لوظائفهم، وقعت حين رفضوا دفتر الشروط الذي وضعته الشركة الجديدة لعمالها.
وبحسب رأي هذا العامل فإنّ «ظروف العمل هنا مع الشركة أفضل من السابق». ويضيف إنّ الراتب الشهري لعامل التنظيفات، ارتفع من ثلاثمئة ألف إلى خمسمئة ألف ليرة لبنانية، إلى جانب المواصلات والضمان، متسائلاً «شو بدنا أحسن من هيك؟».
ورفضت إحدى العاملات التصرف الذي قامت به بعض زميلاتها إذ تركن أماكن عملهنّ الجديدة بحجّة «العلوم أو لا أحد»، كما تقول. وتبدي العاملة المذكورة ارتياحها لعملها الجديد في إحدى الوزارات.
في الجهة المقابلة، يقف العمال الذين رفضوا شروط العمل الجديدة بعد اعتراضهم على دوام العمل ومكانه كما يشير أحد هؤلاء. ويوضح العامل الذي رفض الكشف عن اسمه أيضاً، أسباب مغادرته وبعض من زملائه للعمل الجديد قبل أن يبدأوا به. فيشير إلى أنّ «الشركة أرسلتنا للعمل في أماكن لسنا معتادين إيّاها، مع دوام متعب يصل إلى عشر ساعات يومياً».
هنا تتدخل زميلته الستينية، فتؤكد أنّ بعض «العاملات لا يستطعن تحمّل مشقّة العمل لعشر ساعات، إلى جانب أنهن اعتدن كليّة العلوم». إذاً هي مسألة اعتياد العمال كليّة العلوم وعدم قدرتهم على التأقلم خارجها. وتروي إحدى العاملات أنّها غادرت عملها الجديد في مستشفى بيروت الحكومي، بعد فترةٍ وجيزة من بدايته «لم أستطع إكمال العمل في مؤسسة لا أعرفها، كذلك فأنا لا أجيد تنظيف المستشفيات، بل أعرف تنظيف الكليّات».
وتشير المصادر الإدارية في كلية العلوم في حديث إلى «الأخبار» إلى أنّ إدارة الكليّة طلبت من الشركة إدراج عمال الكليّة ضمن لائحة عمّالها الجدد، وهذا ما حدث.
وتتساءل هذه المصادر ماذا تستطيع الإدارة أن تفعله أكثر من ذلك، وخصوصاً أنّ إدارة الكلية لا علاقة لها في أي شأن توظيفي للعمّال، وأن مساعدتها لهم جاءت من باب التعاطف لا أكثر لكونهم يعملون في الكلية منذ فترة طويلة.
إذاً، اختلف العمّال في ما بينهم وإن أوجدوا الأعذار لكبار السنّ منهم. عمال فرحوا بعملٍ جديد، وآخرون تحسروا على ماضٍ لا تعيده قوانين العمل في الشركات الكبيرة.