تنصّ المادة 21 من الدستور اللبناني على حقّ كل مواطن لبناني في الانتخاب، حالما يتمّ الواحدة والعشرين من عمره، إذا توافرت فيه الشروط المطلوبة بمقتضى قانون الانتخاب؛ فهل تمنع هذه الشروط الموقوفين من الاقتراع؟
أحمد محسن
لم يأخذ قانون الانتخاب الحالي (الذي أقرّه مجلس النوّاب في 30 تشرين الأول من العام الفائت) بمعظم الإصلاحات التي وردت في مشروع قانون الانتخاب الذي أعدّته «الهيئة الوطنية الخاصة بقانون الانتخابات النيابية». وفيما مرّ القانون بهدوء، لم تحصل كل القضايا على الضوضاء الإعلامية المناسبة، ما خلا الإصلاحات التقليدية، كخفض سن الاقتراع إلى 18، وقضية اقتراع العسكريين. بيد أن ثمة أموراً أساسية، بقيت غامضة في القانون الانتخابي الحالي. ويمكن اعتبار مسألة «حق الموقوفين بالاقتراع» إحدى أبرز المسائل التي لم يتطرق إليها القانون بوضوح.
وبالعودة إلى المادة 7 في الدستور اللبناني، التي تنص على تساوي اللبنانيين أمام القانون، طالما أنهم يتمتعون على السواء بالحقوق المدنية والسياسية، يمكن الاستنتاج بأن الدستور اللبناني يربط في نصوصه بين الحقوق المدنية، وحق المشاركة في الحياة السياسية. ومن المعلوم أن الموقوفين يبقون مواطنين مع كامل حقوقهم المدنية، حتى اللحظة التي تسبق صدور أحكام جزائية أو قضائية تجرّمهم. وفي السياق ذاته، لم يشر القانون اللبناني (قانون الانتخابات الحالي) في أي من نصوصه، إلى منع الموقوفين من الاقتراع.
يحدد الدستور اللبناني غير المقترعين، بالمجرّدين من الحقوق المدنية داخل السجون. وكما هو معلوم، فإن الموقوفين على ذمة التحقيق، لا يجرّدون من هذه الحقوق، قبل صدور الأحكام.
وفي هذا الإطار، أشار المحامي هاني سليمان إلى أن بعض الأحكام تبقي للمحكومين حقوقهم المدنية، وبالتالي حق الاقتراع. أما في الحديث عن التوقيفات، فإن المادة 108 من الأصول الجزائية، تشير إلى أن ما خلا حالة المحكوم عليه سابقاً بعقوبة مدتها سنة على الأقل، لا يجوز أن تتعدى مدة توقيفه شهرين في حالة الجنحة، ويمكن تمديدها مدة مماثلة كحد أقصى في حالة الضرورة القصوى. أما ما خلا جنايات القتل والمخدرات والاعتداء على أمن الدولة، وحالة الموقوف المحكوم عليه سابقاً بعقوبة جنائية، فلا يجوز أن تتعدى مدة التوقيف في جنايته ستة أشهر، ويسمح تجديدها لمرة واحدة بقرار معلّل. و«كما يحق للموقوفين الانتخاب، يحق لهم الترشّح إذا أتموا الخامسة والعشرين، تبعاً للدستور اللبناني»، أكد سليمان، الذي أوضح أن المجرّدين من حقوقهم المدنية يخضعون لحالات معرّفة حصراً في قانون العقوبات. وفي سياق موازٍ، لفت القانون الحالي إلى أن المرشّح يجب أن يحصل على الموافقة النهائية لترشيحه خلال 5 أيام. وفي حال المرشحين الذين تُرفض طلباتهم، يمكنهم الاستئناف لدى مجلس شورى الدولة.

في آلية انتخاب الموقوفين

أكد الباحث القانوني هاني سليمان لـ«الأخبار» أن قراراً من هذا النوع هو قرار إداري، يأخذه وزير الداخلية بنفسه، من دون الرجوع إلى مجلس الوزراء. ويمكن أن تخضع الآلية المتّبعة لتمييز مثل هذه الحالات، للاتفاق بين وزارتي العدل والداخلية، بحيث إن الوزارة الأولى، ترسل إلى الثانية أسماء المحكومين فور صدور الأحكام، لكن السلطة المسؤولة عن ذلك هي وزارة الداخلية. أما برامج المرشّحين الانتخابية (على قلّتها) فيمكن أن تحصل داخل إحدى غرف السجن.


الداخلية تعتبر الموضوع جدياً

أكدت بعض الأوساط المقرّبة من وزير الداخلية والبلديات، المحامي زياد بارود، أنه يعتبر بتّ هذا الشأن ضرورياً وأساسياً من الناحية القانونية بالدرجة الأولى، وتالياً من النواحي الإنسانية. وأشارت مصادره لـ«الأخبار» إلى أن الإمكانات الحالية قد لا توفّر القيام بهذه الخطوة في الانتخابات الآتية (ربيع 2009)، لكن يجب السعي بجدية لتطبيق هذه الإصلاحات في الانتخابات اللاحقة.