البقاع ــ أسامة القادريتشهد منطقة المصنع الحدودية ازدحاماً خانقاً على جانبي الحدود منذ بدء إدارة الجمارك تطبيق إجراءات المكننة بداية العام الجاري. ويُختصر المشهد اليومي عند الحدود بصف طويل من السيارات، يمتد نحو 300 متر تقريباً، ما يسبب ضيق عشرات الزوّار والسائقين وتذمرهم، ولا سيما منهم القادمون إلى لبنان، بسبب فترة الانتظار التي تمتد ساعات لإتمام الإجراءات الجديدة.
تهدف هذه الإجراءات إلى إحصاء السيارات الداخلة والخارجة من وإلى لبنان وتدوينها، مرة أولى، بحيث يصبح عبورها في المرات التالية سهلاً ولا يتطلّب إنجاز المعاملات نفسها، وذلك بعد إعطائها رقماً إلكترونياً. وقد خصصت إدارة الجمارك لهذه الغاية جهازَي كومبيوتر عند جهة الخروج من لبنان، واحد لتسجيل السيارات الخصوصية وآخر للسيارات العمومية. كما وضعت اثنين آخرين عند جهة الدخول. ويفيد السائقون أن الوقت الذي يستغرقه إعطاء كلّ سيارة رقماً الكترونياً، يمتدّ ما بين عشر دقائق إلى ربع ساعة، فيما تستغرق الإجراءات الخاصة بالسيارات الخليجية من 30 إلى 45 دقيقة.
غير أن التذمر لا يقتصر على مدة الانتظار، بل على مخاطر الازدحام الذي يمثّل أحد أبرز العوامل المؤدّية إلى حوادث السير المميتة، وخصوصاً عند المنحدر الفاصل بين الأراضي اللبنانية والسورية نتيجة انفلات الشاحنات من عقالها، والتي كثيراً ما حصدت في طريقها أرواح المواطنين الزائرين أثناء انتظارهم إنجاز معاملات دخولهم عند الجمارك والأمن العام.
أبو فهد المستراح، سائق سيارة خصوصية، كان شاهداً على العديد من حوادث الشاحنات التي أدّت إلى ما يسميه «مجازر» تودي بحياة العابرين. يعترف الرجل بحالة الخوف الشديد التي تلازمه كل مرة يعبر فيها خط المصنع، وخصوصاً عندما يكون الازدحام سيد المنطقة. يقول: «هذا المكان لا أمان له، أي شاحنة تتدهور من فوق قد تحصد الأخضر واليابس...». لذلك يطالب الموظفين بالسرعة: «يخفّوا ايدن شوية».
أحمد جوهر، سائق تاكسي يعمل على خط لبنان ـــ سوريا. يصل إلى المصنع، كعادته منذ ثلاثين عاماً، عند الساعة الثامنة صباحاً، ويؤكد أنه لم يشهد يوماً مثل هذا الازدحام «علماً أنني حصلت منذ اليوم الأول لبدء تطبيق نظام المكننة على الكود (الرقم الإلكتروني) الخاص بدفتري، لكنني مجبر على انتظار مرور السيارات التي لم تسجّل بعد». هذا ما يشكو منه المستراح أيضاً، ملاحظاً في هذا الإطار، أن خط السيارات الخصوصية يشهد ازدحاماً أكثر من العمومية، «ربما لأن معظمها حصلت على رقم إلكتروني». يذكر أن الأخير، يحتاج الحصول عليه، إلى تحميل جميع المعلومات الواردة في دفتر السيارة وكذلك هوية سائقها، يقول جوهر.
بدوره يمتعض حسين عمر، القادم مع عائلته من الأردن إلى لبنان بسيارته الخاصة، من طول مدة الانتظار، لافتاً إلى مشكلة أخرى: «لا أدري ما هو الروتين الجديد الذي يعتمدونه، لكن يجب أن يأخذ الموظفون بعين الاعتبار مشكلة عدم وجود مراحيض لقضاء حاجة المنتظرين».


المشكلة مؤقتة

يؤكد مصدر في إدارة الجمارك عند نقطة المصنع الحدودية أن الازدحام اليومي الذي يشكو منه السائقون مؤقت، وأنه سيختفي مع مرور الوقت. ويشرح أنه عندما يحصل العدد الأكبر من السيارات التي تنتقّل تنقّلاً شبه يومي بين سوريا ولبنان على الرقم الإلكتروني، فستصبح الحركة عند المصنع أسرع. وفيما يلفت المصدر إلى الوقت الذي يستغرقه تدوين السيارة، وخصوصاً أن آلية العمل جديدة بالنسبة إلى الموظفين، فإنه يؤكد انخفاض نسبة الازدحام على خط سير السيارات العمومية بعدما جرى تدوين معظم أرقام تلك السيارات التي عبرت إلى لبنان: «أعتقد أنه لم يبق إلّا عدد قليل من السيارات التي لم تعبر بعد، هذا ما لاحظناه عند خط المغادرة».