رامي زريقلا يزال الفقر يسيطر على الريف الذي تمثّل الزراعة عنصراً أساسياً في معيشة سكانه.
ورغم أن الزراعة وحدها لن تلغي الفقر الريفي، إلا أنها تبقى إحدى الأدوات الأساسية لتحقيق التنمية. وبينما يواجه صغار المنتجين، وهم الشريحة الأوسع من المزارعين، عواقب عدة نتيجة الإهمال الرسمي للقطاع الذي يمثّل مصدر رزقهم، منها ما هو بنيوي كغياب مشاريع الري، ومنها ما هو مناخي كالجفاف المتكرر، ومنها ما هو اقتصادي كصعوبة توفير رأس المال. يجمع المعنيون من اقتصاديين ومزارعين على أن سوء التسويق هو أهم هذه العقبات. هناك قائمة طويلة لأسباب ضعف التسويق، على رأسها ضرورة المرور بتجار الجملة الذين يلعبون دور الوسطاء، محققين بذلك الأرباح الوفيرة على حساب المزارع والمستهلك، وخاصة أنهم يعملون في بلادنا بدون أي نوع من الرقابة على الأرباح أو على النوعية. فالمزارع اليوم لا يجني إلا نسبة مالية ضئيلة من سعر المبيع، لا تتعدى أحياناً 10% . في هذا السياق، تبرز أهمية الأسواق المفتوحة لما تؤديه من دور أساسي في عملية ربط المنتج بالمستهلك. ليست هذه الأسواق غريبة عنا، بل إنها من صلب تراثنا، وهي لا تزال تقام في القرى والمدن الريفية، إلا أنها تحولت في بعض الحالات من سوق لبيع المنتجات الزراعية إلى أسواق متجولة تعرض فيها الثياب والأدوات المنزلية، لأسباب تعود جزئياً إلى انخفاض عدد سكان الريف الذين لم يعودوا يمثّلون كتلة شرائية تكفي لتصريف المنتج المحلي. لذلك، يجب نقلها إلى المدينة، وخاصة إلى العاصمة حيث يتجمع العدد الأكبر من المستهلكين. وبالرغم من أن هذه التجارب لا تزال تعاني صعوبات تقلّص جدواها ونخبوية تحد من أثرها التنموي، فلا شك بأنها تمثّل نموذجاً ناجحاً للتنمية المحلية.