عمر نشّابةقوى الأمن ليست شركة أمنية خاصّة مكلّفة حماية عين التينة أو قريطم أو كليمنصو أو غيرها من المربعات الأمنية الخارجة عن القانون. وهي ليست وكالة خدم وسائقين لزوجات الوزراء والزعماء والضباط وأولادهم. قوى الأمن الداخلي ليست ميليشيا أو جناحاً عسكرياً لتيار سياسي أو مذهب أو طائفة. ومديرها العام الذي يتمتّع دون شكّ بأخلاق رفيعة، ليس مرشّحاً للانتخابات النيابية أو البلدية أو الاختيارية.
قوى الأمن مؤسّسة. هي المؤسّسة الأساسية المعنيّة بأمن المواطنين وسلامتهم. ويفترض أن تعمل تلك المؤسسة، كغيرها من المؤسسات، وفق قانون ينظّم مهامها وهيكليّتها الإدارية.
القانون يحظر على رجال قوى الأمن تعاطي السياسة والانتساب إلى الأحزاب والجمعيات والنقابات، كذلك يحظر عليهم حضور الاجتماعات الحزبية والسياسية والنقابية والانتخابية (راجع المادة 160 من القانون 17/1990).
القانون ينظّم الوحدات والشعب والفروع. (راجع المرسوم 1157/1991)
القانون لا يعطي الحقّ لقوى الأمن بالاتهام والإدانة وإصدار الأحكام وإعلان خلاصات التحقيق، فهذه وظيفة المؤسسات القضائية دون غيرها.
“Dura lex sed lex” (القانون قاسٍ، لكنه القانون) وأي خروج عنه ينزع الصفة المؤسّساتية عن قوى الأمن الداخلي وقيادتها، ويجعلها أقرب إلى الحزب أو الشركة.
«بدأ استهدافنا كقوى أمن داخلي إعلامياً ثم تطوّر إلى استهداف سياسي، فدموي»، قال المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي خلال احتفال بالذكرى الأولى لاستشهاد أربعة مدنيين، هم الشهداء: آلان صندوق، إميل فارس، سعيد عازار ورجاء المغربي، والرائد في فرع المعلومات وسام عيد ورفيقه المعاون أسامة مرعب.
هل يعني ذلك أن بعض الإعلاميين متهمون بالضلوع في جرائم إرهابية؟
تحدّث ريفي عن «الجاني» فقال: «أذهلته ولا شك إنجازاتنا اللافِتة والمشرّفة التي حققناها بالتعاون مع رفاقنا في الجيش اللبناني، وأهمها كشف جريمة عين علق الإرهابية». ولم يكن واضحاً تماماً ما إذا كان ريفي بهذا القول يورّط الجيش في «كشف» الوزير السابق حسن السبع جريمة عين علق في 13 آذار 2007 عندما أعلن أن الاستخبارات السورية ضالعة في جريمة عين علق. على أيّ حال، انتهت التحقيقات في جريمة عين علق، وصدر عن المدّعي العام العدلي القاضي سعيد ميرزا مطالعة، كما صدر عن المحقّق العدلي قرار اتهامي. المستندان القضائيّان لم يتطرّقا إلى ضلوع الإعلام والاستخبارات السورية في جريمة عين علق. وكانت قيادة الجيش، ومديرية الاستخبارات التابعة لها قد أكّدتا في العديد من المناسبات أنه لا علاقة للاستخبارات السورية بالجريمة أو بأية جريمة أخرى مرتبطة بها.
تابع ريفي كلمته بالقول «تمكّنّا من كشف العديد من الجرائم الكبرى، سواء في مجال مكافحة الإرهاب أو في مجال الجريمة المنظّمة، والتي ستُعلن بعد انتهاء القضاء اللبناني من التحقيقات». لكن ريفي نفسه قال، في فقرة أخرى من كلمته، كلاماً فيه استباق لنتائج تحقيقات قضائية محلية ودولية: «هناك ترابط بين استهداف رجالنا في قوى الأمن الداخلي ورفاقنا في الجيش اللبناني، وخاصة استهداف شهيد لبنان الكبير، اللواء الركن فرانسوا الحاج. قراءتُنا هذه تستند إلى معرفتنا بالدور الذي نقوم به مع الجيش في حماية هذا الوطن، وبالدور المهم الذي قام به اللواء الحاج في مواجهة المخطط الإرهابي الذي يستهدف لبنان، والذي بدأ بتاريخ 1/10/2004 بمحاولة اغتيال الوزير مروان حمادة، ثم اغتيال شهيد لبنان الكبير الرئيس رفيق الحريري، وما تلاهما من جرائم إرهابية».
وهنا ربط بين الجرائم قبل أن تختم اللجنة الدولية تحقيقاتها وقبل أن تنطلق المحكمة الدولية.
وفي دفاعه عن تطوير «شعبة المعلومات» (دون أن يسمّيها) التي ما زالت غير قانونية، حيث إن مجلس قيادة قوى الأمن كان قد رفض تحويلها من فرع إلى شعبة، قال ريفي «قد يتساءل البعض، لماذا أصبح هذا الاستهداف دموياً؟ الجواب معروف. فالجاني حاول في البداية أن يقول لنا كفُّوا عن تطوير إمكانياتكم الاستعلامية والأمنية، وابقوا شرطةً تقليديةً، واتركوا الساحة مفتوحةً لنا نسرح فيها كما نشاء. لم نأبه، ولم ترهبنا التصفيات».
وأخيراً، قال ريفي «نتصالح مع أنفسنا ونعتبر أننا أدّينا الأمانة، وأننا كنا على مستوى المسؤولية»، فقط عندما «تصل المحكمة الدولية إلى كشف المجرمين ومحاسبتهم».
المدير العام نسي ربما أن مسؤوليته ومسؤولية قوى الأمن لا علاقة لهما قانونياً بما تصل أو لا تصل إليه محكمة دولية.