محمد محسنزحمة سيارات في الشارع. إلى يمين الطريق، تقف رافعة قوى الأمن الداخلي، بينما يحاول عناصر الدرك المحيطون بها زجّ ما تيسّر لديهم حجزه من دراجات نارية مخالفة للقانون. يزداد عدد هذه الدراجات كلّما نجح العناصر الأمنيون في توقيف أحد المخالفين، الذي لو علم بوجودهم، لكان حتماً سيغير الطريق التي قادته إلى حواجزهم المتنقلة، في محاولة لتجنب إجراءات استعادتها المعقدة والمكلفة.
فالجميع يعرفون أنّ هذه الدراجات ذاهبة إلى مرأب الحجز، ولإخراجها من هناك، ينبغي إعادة ترتيب أوضاعها القانونية. من هذه الناحية، يتشابه وضع الدراجات القانوني مع الوضع القانوني للسيارات، إذ إن تثبيتها في مصلحة تسجيل السيارات والمركبات الآلية أو ما يعرف بالـ«نافعة»، لا يختلف في شيءٍ عن تثبيت السيارة. هكذا إذاً، يستلزم الحصول على رخصة سوقٍ للدراجة النارية أن يكون عمر السائق قد تجاوز الثامنة عشرة من عمره، وكذلك، عليه أن ينجح في امتحانات السوق قبل أن يتسلّم رخصته التي تبلغ كلفة رسومها 450 ألف ليرة. كذلك، فإن رخصة الدراجة النارية أو «الدفتر»، تشبه تماماً رخصة السيارة، وتبلغ كلفتها 250 ألف ليرة، بحسب مصدر في مصلحة تسجيل السيارات والمركبات الآلية. إضافة إلى ذلك، يشير المصدر ذاته إلى أن صاحب الدراجة مجبر بحكم القانون على تسديد رسوم الميكانيك سنوياً، وهي رسوم تختلف قيمتها الماليّة تبعاً لنوع الدراجة ومصدرها وتاريخ صنعها، كما وبحسب ما يسمّى «عدد الأحصنة»، أو قوة المحرّك، إذا ما استعملنا التعبير العلمي. ولا يقف القانون عند هذا الحد، إذ يجب أن يتقيّد سائق الدراجة بارتداء الخوذة الواقية أثناء القيادة، وإلا عوقب بمحضر ضبطٍ مكلف يشبه المحاضر التي تكتب بحق السيارات المخالفة.
طال هذا العقاب ذات يوم نبيل زعيتر، سائق دراجة، حين كلفه عدم ارتدائه للخوذة خمسين دولاراً اضطر إلى تسديدها لاستعادة دراجته. أما حسام عساف، فقد اضطر إلى تسديد مبلغ الـ125 ألف ليرة لعدم احتواء أوراقه الثبوتية على «دفتر الموتوسيكل».
أمنياً، كان مجلس الأمن المركزي قد أصدر قراراً، يمنع بموجبه تجوّل الدراجات النارية في بيروت ليلاً، لكنّ الكثيرين من سائقي هذه الدراجات يشيرون إلى «تراجعٍ كبير في تطبيق هذا القرار»، إذ إنهم يجولون ليلاً بدراجاتهم دون أن تتعرض لهم القوى الأمنية.
من ناحية أخرى، يبدي سائقو الدراجات انزعاجهم من بعض التصرفات «غير اللائقة» كما يصفونها، التي تقوم بها عناصر القوى الأمنية بحقّهم. تصرفات لا تقف عند حد الكلام المهين الذي يوجّه للمخالف، وخصوصاً إذا سحب هاتفه، محاولاً الاتصال بشخصيةٍ نافذة في قوى الأمن لإنقاذه، أو إذا تلكّأ بركن دراجته قرب الرافعة تمهيداً لسحبها، بل قد يصل أحياناً إلى قيام العنصر الأمني بإطفاء الدراجة بنفسه، بحركة عنيفة، بدل توجيه طلب القيام بذلك للسائق.
المفاوضات إذاً ممنوعة مع القوى الأمنية، وكذلك «الوسايط». إزاء ذلك، لا يبقى أمام المخالفين سوى التراجع بسرعة، وتسجيل مخالفة جديدة للقانون من خلال القيادة عكس السير، للنجاة من قبضة الحجز.