محمد محسنفي الشيّاح أيضاً، لا يصعب البحث عن دراجاتٍ نارية يقودها قاصرون، فهم ينتشرون بكثافة ويحبون الحديث إلى الصحافة. أحمد بيضون (14 عاماً) أحد هؤلاء، لكنه يختلف عن الآخرين فالدراجة «ملكه» كما يقول قاصداً أن والده ابتاعها له بنفسه، لتفوّقه في دراسته، وليس أنها مسجلة في دوائر الدولة باسمه لكونه قاصراً. «لا أريد أن يستعير الصبي دراجة أحد آخر بكل بساطة»، يقول الوالد الذي يمثل فئة من الأهالي، لا مشكلة لديها بقيادة أبنائها لدراجةٍ نارية خطرة على من في سنّهم. خطورة ظهرت على الأقل أمامنا حين حاول أحمد إيقاف دراجته، وخصوصاً أن فراملها لم تساعده على التوقف، ما اضطره إلى استخدام قدميه في توقيف الدراجة.
لكن لأي أغراض يحتاج أحمد إلى هذه الدراجة؟ ومن يستطيع تأمين احتياجاتها من وقودٍ إلى إصلاحات كفراملها مثلاً؟ يجيب أحمد بطلاقة «أوقات بجيب غراض لأمي، ودايماً أنا والشباب رفقاتي منسوقها ومنكزدر عليها». سؤالنا عن المصاريف يجعل أحمد يجيب في.. مكان غير متوقع «شكل الدراجة لا يهم. بالنسبة إلى البنزين، أنا ورفيقي منعبيلها من شغلنا». يتبين أن المراهق يعمل مساعد حلّاق بالقرب من بيت أهله بعد دوام المدرسة.
حال أيمن صالح (15 عاماً) ليست كأترابه. يسحب المراهق على الفور من خلفية دراجته الحمراء، حزمة أوراقٍ تثبت ملكيتها، مؤكداً أنه لم يسرقها «كما يفعل الآخرون». بالفعل، يظهر اسم أيمن على الأوراق الرسمية مع أنه قاصر! يغمغم القاصر حين نسأله كيف استطاع الحصول على رخصة. يتحدث ابن طريق الجديدة، عن معاناته في التهرب من حواجز الدرك. لكنه يستدرك أنهم «طيبون ويسمحون لي بالمرور أحياناً». لكن طيبة رجال الأمن لم تمنع أيمن من اتّخاذ بعض الاحتياطات لمنع وقوعه في قبضة الحجز كما حصل معه مرّةً: فقد جهّز نسخةً ثانية لمفاتيح الدراجة يبقيها في جيبه. وحالما يسحب رجل الأمن المفتاح الأصلي منه قائلاً «صف عَ اليمين»، يُخرج النسخة الثانية من جيبه، متظاهراً بأنه متوجه إلى حيث قيل له لكنه يدير المحرك ويهرب بسرعة.
ككثير من سائقي الدراجات النارية، أيمن بلا مدرسة أو عمل ثابت. يتنقّل بين محل ميكانيكي وآخر كل فترة، فيما يعيش مع أهله ويساعدهم على مصروف المنزل. يقضي النهار على دراجته، حيث يبدو أنه يستطيع أن يحس باستقلاليته. تعّرض قبل عامين لحادثٍ مرّوع، لكن ذلك لم يثنه عن اقتناء دراجة جديدة، رغم ما يصل إلى مسامعه عن حوادث قاتلة جراء ركوب الدراجات النارية. حين تسأل مصطفى محيدلي (14 عاماً) أحد «مهووسي قيادة الدراجات النارية» كما يعرّف عن نفسه عن قانونية قيادته للدراجة، يسخر المراهق منك قائلاً «رجال الأمن أنفسهم يخالفون القانون، ماذا تريد منا نحن الأولاد العاديّين؟».