قاسم س. قاسمكان الهدف هو القبض على أكبر عدد من الدراجات النارية غير القانونية، وإلزام أصحاب القانونية منها التقيد بتعليمات السير. ولكن، بعد مرور عشرة أيام من إطلاقها، هل استطاعت حملة قمع الدراجات النارية أن تجني ثمارها؟ في منطقة فردان، وعلى التقاطع، وقف شرطي درّاج وبقربه دراجته. يرفع يده اليسرى ليوقف سير أحد الخطوط، يشير بالأخرى للسيارات المقابلة أن تتقدم. تتقدم سيارة السرفيس التي كنا فيها، وإذ فجأة، تنطلق دراجة نارية من بين السيارات المتوقفة وتكاد تصطدم بسيارتنا. يضغط السائق الذي اجتاز التقاطع على مكابحه بقوة. ويمر صاحب الدراجة النارية مبتسماً أمام الشرطي وكأن شيئاً لم يكن. يخفف سائق السرفيس ليتوقف بالقرب من الشرطي محتجاً «معقول هيك»؟ يبتسم الشرطي قائلاً «بسيطة يا خال. شو بدنا نعمل؟». يكمل السائق طريقه وهو يشتم صاحب الدراجة النارية الذي كاد «أن يخرب بيتنا».
هذا في العاصمة. أما على أطراف الضاحية الجنوبية لبيروت، فقد وقفت إحدى السيارات التابعة للشرطة في منطقة الطيونة. تمرّ دراجة نارية، من دون نمرة، مسرعة بقربها. يُعلم الشرطي زملاءه عبر الجهاز. يعترضون طريقه فيتوقف. يسحب أحدهم مفتاح الدراجة منه، طالباً رؤية أوراق الملكية، ثم يحتجزها. يشاهد الشاب القوى الأمنية وهي تسحب دراجته فيقترب متوقفاً بالقرب ممن سبقه للوقوع في هذا الكمين. يتابع دراجته بنظراته. يراها وهي توضع على متن إحدى الشاحنات. يحشرها أحد العناصر بين مجموعة أخرى من الدراجات المحجوزة. يأسف الشاب بمرارة لأنها كلفته كما قال «دمّ قلبي». ويضيف «إذا أردت فكّها من الحجز فإن واجهتها ستكون قد حطمت من طريقة تعاملهم معها». ينسحب الشاب من بين الجموع. يوقف سائق أجرة عائداً إلى منزله ليبدأ بتحضير رحلة «فك حجزها» كما قال لنا.
استطاعت الحملة الأخيرة لقمع الدراجات النارية توقيف ما يقارب 1000 دراجة نارية في الأسبوع الأول، حسب غرفة عمليات قوى الأمن. أجبر ذلك بعض من حجزت دراجتهم على الانصياع للقانون ولو كرهاً. محمد إبراهيم واحد من هؤلاء فقد «حجزوا دراجتي التي هي بسعر سيارة، حيث إنني اشتريتها بمبلغ 1200 دولار». أخبر محمد قصته وهو في سيارة الأجرة التي كانت تقله لفك حجز دراجته. تحدث بصراحة عن محاولاته المتكررة «للاتصال بضابط صاحبي ليفكها»، لكن ذلك لم ينفعه. بعد أخذ وردّ اقتنع محمد بضرورة تسجيل دراجته، وذلك من أجل تجنب «بهدلة الطرق» كما قال لسائق الأجرة. ليس الجميع مثل محمد، فحسن زين الدين فضّل أن يحطم دراجته النارية على مرأى من القوى الأمنية التي حجزتها. كان المشهد مضحكاً على الرغم من غضب الشاب. فقد انهمك العناصر بتهدئته. تسأله فيقول إنه لم يدفع كل أقساطها بعد «خليهم ياخذوها مكسرة أحسن ما تتكسر معهم هني وعم يطلعوها عالشاحنة». لم يتمكن حسن من الإفلات من الحاجز، فهو قد رأه من بعيد لكنه ظن أن عمله موظف توصيل سيشفع له، ففضل تجاوزه مسرعاً، لكنه لم يفلح. بمجرد توقيف حسن بدأ بشتم الدرك والدولة لأنه كنت «عم استرزق عليها». لكن حسن، عاد وفك حجز دراجته «مثل الشاطر» بعدما أصلحها. لا بل إنه الآن يعتمر خوذة، وكل الوضع «مية مية» قانونياً كما قال. وحده حسين الحموي فضل عدم استعمال دراجته النارية كلياً في هذه الفترة، وبذلك يكون قد «أرحت نفسي من وجع الراس». اليوم، يستخدم الحموي سيارته للتجول في بيروت بدل الدراجة التي كانت «توفر بنزين، بس ماشي الحال».
هذا على صعيد المواطنين. أما بالنسبة للقوى الأمنية، فيقول مسؤول في إحدى مفارز السير رفض الكشف عن اسمه، رداً على سؤال عن مدى إيجابية تعاطي المواطنين مع هذه الحملة بالقول إن أياً من وحداته لم تبلغ عن مواجهتها مشاكل تذكر مع المواطنين خلال عملية توقيف الدراجات. ويضيف أنه في اليوم الأول شاركت كل العناصر والوحدات، من وحدة الدرك إلى وحدة القوى السيارة إلى شرطة بيروت في هذه الحملة. لكن إلى متى ستستمر؟ نسأله فيقول إنه «لن يكون هناك تغاضٍ في المستقبل عن هذه المخالفات، ونحن مستمرون أيضاً بحملة حزام الأمان».