سارة أسعدتبدأ الرّحلة من قبل أن يظهر المكان للعين المجرّدة، إذ تتجمهر سيّارات كثيرة على بعد أمتار وتتكاسل حركة المرور. الكلّ يعطي إشارة يميناً لركن سيّارته حيث «الشّي طيّب».
بعد التوقّف، «ينغل» رفّ من الشبّان بقمصان حمراء، متشابهين كالنّحل النّشيط، يأخذون «الطلبيّة» من السّيارات المتوقّفة ولا يلبثون أن يعودوا بسرعة لتسليم المطلوب، ثمّ تنطلق السّيارة لتركن مكانها أخرى. يقدّم «أنكل ديك» شاياً وقهوة ونسكافيه وعصائر متنوّعة، معلّبة وطازجة، وعنده مجموعة كبيرة من الشوكولا والدخّان والأشياء الصّغيرة الّتي «ننقطع» منها عندما نكون في أشدّ الحاجة إليها مثل القدّاحة لحرق بعض الأحلام بدخان السيجارة، بعنف أو بتلذّذ.
يعمل الجميع في «أنكل ديك» بحرفيّة عالية، وأهمّ ما في الأمر هو التّنسيق المبدع بين الشبان. الكلّ يعرف أين يجب أن يكون وفي أيّة لحظة، لا يلبث الزّبون أن يطلب حتّى يلبّى.
تبقى النسكافيه أطيب ما يُطلب، كوب بلاستيكيّ، رشّة النسكافيه السّوداء في أعلى الكوب، وعصا التّحريك الخشبيّة الّتي تشبه عصا البوظة «السّتيك»، تركيبة غريبة، بدائيّة وبعيدة كلّ البعد عن التكلّف وفذلكة المطاعم والمقاهي. أضف إلى ذلك الأسعار المتواضعة والملائمة للجميع.
نقصد «أنكل ديك» عندما نشتاق إلى قهوته، إلى رائحة البحر، إلى المزيج الغريب بين الاثنين، إلى الرّشفة الفريدة في أيّ وقت من النهار أو الليل.