جوزف مخايل صادف في 24 تشرين الثاني الجاري، ذكرى غياب الوزير السابق ماجد صبري حمادة، نجل رئيس مجلس النواب الأسبق صبري حمادة. فالذكرى تفرض نفسها على أصدقائه ومحبيه ممن عرفوه واكتشفوا فيه صفات القائد المؤمن بوطنه والحريص على عزته ووحدته الوطنية والعيش المشترك فيه بحزم وصدق وإخلاص وشفافية، قلما تجدها اليوم في زمن القادة الدالفين إلى الساحة السياسية من باب الوصاية والطائفية. فيما ماجد حمادة كان وليد ساحة السيادة والاستقلال، يوم كان والده المرحوم الرئيس صبري حمادة يرفع علم استقلال لبنان وسيادته إلى جانب المغفور له الرئيس رياض الصلح بوجه أعداء الاستقلال في الداخل والخارج.
لقد مارس المرحوم ماجد الشأن العام بشفافية مطلقة وبحرص كبير، فهو رفض، يوم أُلحق ببعثة لبنان في الأمم المتحدة مستشاراً اقتصادياً، أن يتقاضى التعويضات المالية المخصصة له، لقناعته بأنه لم يكن يؤدّي أي خدمة فعلية للبنان، من خلال الدور الذي أُسند إليه في البعثة. كما حمل إلى وزارة التربية، يوم عُيّن وزيراً لها، أفكاراً حديثة ومشاريع عديدة للنهوض بها وتحديثها، وهو حامل شهادات علمية عالية.
دخل علينا يوماً بقامته المعهودة ووجهه المشرق والوسيم بامتياز، لعيادة المرحوم الرئيس كميل شمعون في مستشفى القديس جاورجيوس (الأشرفية)، وكان المرحوم داني شمعون رئيس حزب الوطنيين الأحرار آنذاك بانتظاره، في زمن كانت القطيعة مفروضة على القيادات اللبنانية بحكم الأحداث التي عصفت يومها بلبنان. غير أنّ ماجد حمادة تحدّى القطيعة وأبى إلا أن يتواصل مع الآخرين، لإيمانه بأن لبنان لا ينهض بغير وحدته الوطنية. وكان يومها لقاء أخويّ حارّ تشعّبت فيه الأحاديث عن لبنان ومستقبله وتحريره وعودة سيادته واستقلاله.
مات ماجد واستشهد داني وعيونهما شاخصة إلى لبنان الوطن السيّد الحرّ المستقل، في وقت كان فيه معظم القيادات اللبنانية غارقاً في مصالحه السياسية الشخصيّة على حساب لبنان والنهوض به.
إنّ غياب ماجد حمادة المبكر عن الساحة السياسية، مثّل خسارة وطنية كبرى، في وقت كان لبنان بأمسّ الحاجة إلى رجل مارس العمل الوطني بديموقراطية وأخلاق عالية قل نظيرهما. أما العوض عن هذا الغياب فحصل بشخص من عاهدته على حمل رايته والحفاظ على تراثه وأفكاره والنضال من أجل تحقيقها، ألا وهي السيدة الفاضلة ليلى الصلح حمادة، ابنة البيت العريق الذي لا يزال لبنان يدين له بحريته واستقلاله وسيادته.