هاني نعيمعند التاسعة مساءً، بدأ الشباب والصبايا بالتوافد إلى الموقف الكبير في الجميزة. هذه الليلة، لم يأتوا للسهر، بل لمهمّة استثنائية: حملة توعية لمكافحة مرض فقدان المناعة (الإيدز).
في باحة الموقف، ارتدى الشباب قمصاناً حمراء تحمل شعاراً كاريكاتورياً يحض على ضرورة استخدام الواقي الذكري. تقاسموا الكرّاسات والملصقات و1200 واقٍ ذكري ليوزعوها على الساهرين.
انتشر المتطوعون في الشارع. منهم من دخل إلى المطاعم والحانات لمحادثة الساهرين، فاصطدم البعض باعتراض بعض المديرين لكون ذلك سيؤثر في «برستيج» المحل. وعمد آخرون إلى إيقاف السيارات، وتوزيع الكرّاسات والواقي الذكري. وراح أحدهم يعانق المارّة، في محاولة منه لتصحيح المعلومات الخاطئة بشأن انتشار المرض عبر مصافحة المريض، وقد حمل لافتة صغيرة كتب عليها «free hugs». يأخذ أحد الشباب واقياً ذكرياً من كل متطوع ويعلّق ضاحكاً: «هيك بوفّر مصاري». يستوضح آخر من الطالب في الجامعة الأميركية كريم مصروعة، عن مسألة حصلت معه أثناء ممارسته للجنس، فينصحه كريم بزيارة أحد المراكز، لأنّه «مجاني وسرّي».
عند الثانية عشرة والنصف، كان الشباب والصبايا قد وزّعوا كل ما بحوزتهم من كرّاسات وعلب واقٍ ذكري، وتداعوا للعودة ليلة السبت، لإكمال الحملة. تتضمّن الكرّاسات معلومات عن «الإيدز» وكيفية انتقاله إلى الآخرين، إضافةً إلى عناوين المراكز التي تقدّم المشورة والفحص الطوعي المتعلّق بالمرض بسريّة تامة. تنظم الحملة اللجنة الدائمة للصحة الإنجابيّة والإيدز (SCORA)، وهي إحدى اللجان المتفرّعة من المجموعة الطلابية اللبنانية الدولية للطب، التي تعمل في مجال التوعية الصحيّة، ولا يمكن إلّا طلاب الطب الانضمام إليها. توضح كريستال شكر، منسّقة اللجنة في الجامعات «أنّ الحملة ليست جديدة وقد اخترنا الجميزة لأنّ أغلب روّاد السهر هم من الشباب الذين نستهدفهم لكونهم الفئة الأكثر عرضةً للإصابة بالمرض».
لا يتركز نطاق الحملة في الشارع فحسب، بل إنّ المجموعة ستعمل مع التلامذة في المدارس والكشافة والنساء السجينات. كما ستنظّم حفلة غنائية لزياد سحّاب، في 15 الجاري، في الجامعة اليسوعية، يعود ريعها لفحص مرضى الإيدز ومعالجتهم، وخصوصاً أنّ الدولة لا تقوم بتغطية نفقات هذا المرض.