أحمد محسنعندما أوسعوه ضرباً، كانو يصيحون «يهودي يهودي». قالوها بفخر مفرط. كان عُمر يتلوّى من الألم، متوجّهاً إلى سرير. في الطريق الى المستشفى، كان الظلام يتساقط تدريجاً على جبهاتنا المرهقة. قلت في نفسي، قد يكون أيّ منا مكانه. من يعلم؟ قد يكون رامي، أو ليال، أو أنا، أو تلك الفيليبينية البريئة، مكانه. حين يُضرب صحافي لأن بين يديه كاميرا، يصبح الموت جميلاً. وتصبح تهمة اليهودية وساماً. واليهودية ليست تهمة أصلاً، اليهودية معتقد، يتساوى في التأثير السلبي والإيجابي على البشرية مع الأديان الأخرى.
كان ليلاً دامساً، يشبه بيت عنكبوت عجوز. كان على عُمر حينها، أن يمدّ جسده بين ساعاته المتشابكة كالخيوط، ويحرص جيداً على ألا يمزقها. لا يجدر به تمزيق الليل، فلم يتركوا له بين الألوان، في ذلك النهار إلا الأسود. لو سمح لي، لطلبت من ذلك النهار مغادرة البشرية فوراً.
انتظرت عودة عمر الى منزله، لأهاتفه وأقول له، صباح الخير «أنا زميلك»، وأبتسم قليلاً، ثم أتابع، «في صحيفة منافسة». استعجلت رحيل دمه عن رصيف الدومتكس. لطالما استمتعت بالمطر هناك، ولا يروقني أن أستبدل حبّاته بدم زميل. فضّلت أن أتسلّق سلماً الى السماء، وأطالب الله بالمطر السريع.
شعرت يومها بأنّ المجتمع كلب. الفارق بين الاثنين هو وفاء الكلاب لأصحابها. لم يكن زملاء عمر في السياسة أوفياء له. لقد استغلوا دمه لإطلاق الشتائم. ليتني كنت يهودياً في ذلك اليوم.