زغرتا ــ فريد بو فرنسيسرنّ جرس الهاتف، فردّت الأم وهي تحمل المكنسة بيدها. المتصل صاحب المنزل، يذكرها بدفع الإيجار، وعندما علمت منه أنها متأخرة على 5 أشهر، بدأت بالصراخ: «ما معي ادفع من وين بجبلك؟». ثم تمنى المتصل أن تدفع كنّتها الإيجار لأنها تعمل خيّاطة. وهنا، غضبت المرأة أكثر، فهي لم تكن تعلم أن كنّتها تعمل، ولما عادت زوجة ابنها، بدأت بالصراخ عليها، مجبرة إياها على إعادة تنظيف البيت مرة أخرى، فقط لكي تقتص منها بعدما عرفت أنها تعمل. فجاةً، يدخل الزوج وهو يصرخ: «شو في صوتكن واصل لآخر الشارع؟»، فتخبره الأم أن زوجته تعمل من دون أن تعلمه. يغضب كثيراً ويصرخ في وجهها ويسمعها كلاماً مهيناً، ثم يخلع حذاءه ويرميها به، ثم يمسكها من شعرها وينهال عليها بالضرب.
إنه عمل مسرحي واقعي حطّ رحاله في بلدتي سبعل وحرف إرده في قضاء زغرتا، ضمن إطار مشروع تمكين المرأة ومحاربة العنف المنزلي «العمل السلمي نحو الأمن والاستقرار ـــــ WEPASS»، وهو مشروع مشترك بين الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية وصندوق الأمم المتحدة للسكان في لبنان. يهدف المشروع إلى تمكين المرأة في المناطق المتضررة بعد حرب تموز 2006، ويقوم على التعاون مع البلديات واللجان النسائية ومراكز الخدمات الإنمائية والجمعيات المحلية. وتقول الناشطة في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة فكتوريا إبراهيم: «إن القصة واقعية، وصاحبتها لجأت إلى جمعيتنا عبر مركز الاجتماع والإرشاد في الجمعية، من أجل مساعدتها على تخطي واقعها الصعب. من هنا، نحن نحاول أن نعرض هذه القصة على المجتمعات للتركيز على مكامن العنف والعمل على معالجته».
أما زينة مزهر، من مشروع محاربة العنف المنزلي، فتقول: «هذا المشروع يُنَفَّذ في نحو 20 بلدة، وقد بدأنا به بعد حرب تموز. ومعايير اختيار البلدات هو وجود العنصر النسائي في المجالس البلدية، أو مكاتب وزارة الشؤون الاجتماعية التي تقدم خدمات إنمائية». وتضيف: «نحن اليوم هنا لأنّ في المجلس البلدي امرأة، إضافة إلى معيار آخر اعتمدناه هو أن تكون البلدة تحت خط الفقر». وتضيف: «إن المشروع يُعنى بتمكين المرأة على مستوى المعرفة وتنمية القدرات وتمكينها اقتصادياً لتغيير واقعها نحو الناحية العملية الإيجابية». وأشارت إلى أن العمل يعرض لمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة الذي صادف يوم 25 تشرين الثاني الماضي، واخترنا أن نضيء على موضوع العنف ضد المرأة الذي «يوجد بكثرة في مجتمعاتنا ويجري التستر عليه، مستعملين أسلوب المسرح للإضاءة عليه. كذلك فإنه يهدف إلى تمكين المرأة والرجل من أن يضعا الإصبع على الجرح ويعترفا بوجود العنف وكيفية معالجته».
من جهتها، قالت سولين دكاش من جمعية خيال للتربية والفنون: «لقد اختصرنا المشكلة بعمل مسرحي قصير لنعرضه على الجمهور. من ثم نطلب أن يشارك الحضور معنا في العرض، لإيجاد حلّ من خلال ما يراه مناسباً للحالة الاجتماعية التي تُعرض، ضمن إطار الإسهام في التغلب على العنف». ووصفت العرض بأنه مسرح تفاعلي، وهو من فكرة المسرح الذي يصبح فيه المشاهد فاعلاً يستطيع اقتراح مبادرات للحلول.