هل نام قرار التفتيش المركزي بشأن بتّ مدى صحّة تسريب الأسئلة في الامتحانات الرسمية المهنية؟ المدير العام، على الأقلّ، يعد بإنصاف المظلومين فور صدور القرار، ويُحضّر لمشروع بنك الأسئلة في الامتحانات المقبلة. إلى ذلك، تستمر المعاهد الخاصة في تناتش الطلاب
فاتن الحاج
لم تصدر بعد نتائج التحقيق الذي أجراه التفتيش المركزي بشأن مدى صحة تسريب أسئلة مسابقة «تجانس العمل التجاري» في الامتحانات الرسمية المهنية لهذا العام. لكن أجواء التقرير الذي رفعه المفتشون بعد التدقيق في مصلحة المراقبة والامتحانات تشير إلى «أنّ إخبارية التسريب التي جرى على إثرها إقالة رئيس لجنة الإدارة والتسويق والبيع والعلاقات التجارية في التعليم المهني، طوني فرح، المحسوب على تيار المردة، لم تكن صحيحة».
أما المدير العام للتعليم المهني والتقني، أحمد دياب، فأعلن أنّه لن يتخذ أي إجراء قبل صدور القرار النهائي عن التفتيش المركزي، مؤكداً أنّه سينفذ القرار كما هو للحفاظ على قيمة الامتحانات وسرّيّتها وكرامة الناس، بحيث يرفع الظلم عمّن ظلموا ويتّخذ بحق المخطئين أقصى العقوبات. وفي التفاصيل التي يرويها دياب أنّ المديرية كانت تتلقى معلومات عن تسريب هذه المسابقة أو تلك «فكنّا نعمد إلى تغيير الأسئلة في الليل من باب الاحتياط، لكن لم تردنا أية خبرية عن تسريب أسئلة مادة التجانس التجاري، لذا أجرينا المسابقة بطريقة طبيعية». وخلال فرز النتائج، حضر إلى المديرية مستشار وزيرة التربية للتعليم المهني آنذاك، علي اسماعيل، وطلب، حسب دياب، الاطّلاع على علامات المسابقة. وعندما تبيّن أن طلاب معهد الآفاق، المحسوب على حزب الله، نالوا علامات عالية تراوح بين 14 و17 من 20، فيما لم تتجاوز علامات الطلاب الباقين 10 من 20، رفع ما يسمى «تجمع معاهد في بيروت والضاحية» الذي يضم معهد الكومبيوتر والعلوم الصناعية (CIS)، المحسوب على تيار المستقبل، شكوى إلى وزيرة التربية على لجنة الإدارة والتسويق والبيع والعلاقات التجارية في التعليم المهني. وجاء في الشكوى: «في بداية امتحانات مادة التجانس، اجتمعت إحدى أعضاء اللجنة باكراً مع مجموعة من طلاب أحد المعاهد وشرحت لهم الامتحان قبل صعود الطلاب إلى المركز. وقد بلغنا المعنيين بالتدخل والطلب بالتدقيق بعلامات تلك المادة، فتبين أنّ المسؤولة عن المعهد المذكور ومعهد ثانٍ موجودة في تلك اللجنة، أما باقي الطلاب فمعظمهم لم ينجح والسبب الأساسي أن تصحيح المسابقات جرى حسب أطر التصحيح الملائم لهذين المعهدين، إضافة إلى تعليم المسابقات». ومع أنّ الشكوى لم تحمل توقيع أي مدير من مديري المعاهد التي يضمها التجمع واحتوت افتراءً وتشويهاً للحقائق وافتراضات، حسب مصدر في معهد الآفاق، فقد أخذت بعين الاعتبار وجرى إقصاء نائبة رئيس اللجنة بعد إقصاء رئيس اللجنة.
يوضح المدير العام في هذا الإطار أنّ اللجنة الفاحصة لم تكن تملك دليلاً على صحّة الشكوى، «لكننا أعدنا المسابقة لكل لبنان بعد استشارة وزيرة التربية، إذ يهمّنا توخي الشفافية ما دام هناك شكّ واحد حول العلامات، وأمهلنا الطلاب 15 يوماً للتحضير». ومع ذلك، تبيّن، حسب دياب، أنّ طلاب معهد الآفاق نالوا درجات أعلى من العلامات السابقة ولم تتغير نسب النجاح تغيراً ملموساً في هذا الاختصاص رغم أنّ اللجنة التي وضعت الأسئلة وأطر التصحيح مغايرة تماماً، «والمنطق يقول إنّه لو سرّبت الأسئلة في المرحلة الأولى، لما استطاع الطلاب أن يحضرّوا خلال 15 يوماً مقرراً كاملاً».
هذه عيّنة بسيطة مما يجري في الامتحانات المهنية الرسمية نتيجة صراع بين معهدين خاصين، الآفاق و(CIS) على احتلال المراكز الأولى لتوظيفها في استقطاب الطلاب. «فالآفاق» يأخذ على (CIS) وضع إعلان يفيد بأنّ طلاب «مراجعة وخبرة في المحاسبة» نالوا الدرجات الثلاث الأولى، فيما تشير لائحة المديرية إلى أنّهم في الدرجات: الثامنة والتاسعة والعاشرة. لكن مدير (CIS) عبد بكداشي يوضح أنّهم أوائل في المنهاج العربي، ويرفض اتهامه بمحاولة رشوة إحدى طالبات «الآفاق» بالطلب منها إعطاء دروس خصوصية في المفاوضات التجارية مقابل 100 دولار! لكنها رفضت. وقال: «على كل حال، كل ما نطالب به هو أن لا تبقى اللجنة أكثر من سنتين وأن يكون هناك بنك للأسئلة وأن يكون لدى الرئيس خبرة في الاختصاص ولا ينتمي إلى المعاهد الخاصة».


سؤال
ضمير المكلّف


يتساءل المهتمون بالتعليم المهني: «لماذا توضع الأسئلة قبل أسبوعين وليس عشية الاستحاق كما يحصل في التعليم الأكاديمي؟». يوضح المدير العام بأنّ الأمر متعذر لأنّ هناك 138 اختصاصاً. لذا، يتولى المهمة المدير العام، رئيس اللجان الفاحصة ويكلّف أشخاصاً سريين يعتمد على ضمائرهم في مساعدته.


يكشف المدير العام للتعليم المهني، أحمد دياب، أنّ المديرية تمضي في مشروع بنك الأسئلة الذي سيطبق في الامتحانات المقبلة والذي يضمن مسابقة تغطي المنهاج بكامله، ومدقّقة لا يشوبها أي خطأ، فضلاً عن ضمان السرية المطلقة للأسئلة بعد وضعها بطريقة عشوائية.


عيّنت وزيرة التربية والتعليم العالي بهية الحريري مستشاراً جديداً لها في التعليم المهني يدعى طارق الشل بدلاً من المستشار السابق علي اسماعيل بعد أن تبيّن لها أنّ هذا الأخير تعاطف مع طرف دون الآخر في موضوع المعهدين المهنيين المتنازعين.