حلا ماضيصغاراً، هم متطلّبون دائماً، وحين يصبحون مراهقين يحيطون بنا من كل جانب. فكيف نحافظ على تألّق الحياة الزوجية عندما نرزق بولد؟ سؤال ناقشته مجلة «psychologies» الفرنسية من خلال ملف شارك فيه عدد من المختصين في التحليل النفسي للأطفال والمراهقين.
يفرض المولود الجديد «نظاماً فوضوياً» جديداً داخل المنزل. هذا الملك الصغير يقيم في «فراش الأهل»، فيتحكّم بتوقيت العلاقة الجنسية بين الزوجين.
الباحث دانيال مارسللي يتحدث عن خطوات على الأهل القيام بها تدريجاً في هذا الإطار، فعليهم أولاً وضع معايير تحدد علاقة الصغير بهم.
ويروي مارسللي قصة أبوين وجدا ابنتهما البالغة من العمر سبع سنوات من عمرها واقفة إلى جانب سريرهما، فيما كانا يتبادلان الحب، وكانت الصغيرة مصدومة ومأخوذة!
اليوم، يهتم كثير من الأهل بحجب كل ما يسبّب خدشاً أو صدمة للأولاد في هذا المجال، وصولاً إلى كبح قاسٍ لعلاقتهما الجنسية. بعضهم قد يمتنع عن القيام بأية علاقة حميمة في المنزل حتى لا يقع في كمين الأطفال وتطفّلهم. لكنّ مارسللي يؤكد أنه من غير المعقول ممارسة الحب في جوٍ من الحذر والخوف، ويذكّر بوجود الصغار والمراهقين في غرف مجاورة لغرف الأهل، ويقول إن الكبت قد يخلق جوّاً من العصبية داخل المنزل.
مع الوصول إلى المرحلة العمرية التي يستطيع الطفل خلالها التنقل وحده وتبادل الكلمات مع الغير، يتحتّم على الصغير الامتناع عن الدخول إلى غرفة الأهل دون «إذن». وفي المقابل، يتعيّن على الأهل عدم الدخول إلى غرفة ولدهم دون الاستئذان! وذلك للفت نظر الولد إلى وجود غيره في المنزل، فهو ليس وحده سيّد المنزل، للآخرين أيضاً سلطتهم.
المحلل النفسي جان ـــــ كلود ليودت يصرّ على أنه يجب على الأهل أن يقولوا «لا» للولد في بعض الأحيان، فلا يسعون لتحقيق كل رغباته ومتطلباته، ولكن شرط أن يجد الزوجان مساحة لطفلهما يستطيع من خلالها التعبير عن رغبته الخاصة.
ومع الوصول إلى مرحلة المراهقة، تزداد الأمور تعقيداً، ويضطر الأهل إلى تحمّل انتقادات أولادهم الساخرة أحياناً حتى لا يجرحوا «حشريتهم» المتزايدة، كما هو الحال مع ماري ( 43 عاماً) التي فوجئت بسؤال ابنها ( 16 عاماً): هل لا تزالين تمارسين الجنس؟ تصف الكاتبة آن رانكورت ذلك الموقف بالمؤلم، مشيرة إلى أنه من المستحيل حجب أمور جنسية عن المراهقين. وتؤكد أنه يجب على الأهل إعطاء مساحة خاصة لأولادهم كي يعبّروا عن رغباتهم دون حياء، فالأهل عادة ما يسعون لفرض سيطرتهم على الحياة الجنسية لأولادهم المراهقين. وتنصح رانكورت بإعلام الأولاد بوجود لحظات حميمة، وبأن أي شخص يشعر بها ويمارسها.
الحياة اليومية لا تخلو من بعض المشاهدات الحميمة. فقد يُصادف أن يشاهد الولد مشهداً من العلاقة الجنسية بين ذويه، مما يسبّب له نوعاً من الحشرية الذاتية للمعرفة، لكن هذه المشاهدة تبقى في ذهنه كصورة حيوانية عن الجنس، في هذه الحالة، يدعو المحلل جان ـــــ كلود ليودت الأهل إلى التحدث مع أولادهم عمّا شاهدوه. فالكلام في هذه الحالة فعّال لإعطاء الجنس أبعاده العاطفية، فلا يخيّل للولد أن تلك العلاقة هي حيوانية فقط. ومن الجمل التي ينصح ليودت بترديدها «نحن نمارس الجنس لأننا يحب أحدنا الآخر. والمحبة بين الأهل مختلفة عمّا هي عليه تجاه الأولاد. ولأننا يحب أحدنا الآخر، كانت النتيجة ولادتك».