ديما شريفوجدت رسالتي في الحياة عندما كنت في الثانية عشرة. عندها قررت أنني أعشق «الشوكولا» وأريد أن أصنع مستقبلي معه. «سأصبح متذوقة للشوكولا في مصنع»، قلت لنفسي. ولثلاث سنوات بنيت أحلامي حول الشوكولا ومتفرعاته اللذيذة. وكنت متأكدة من أنّه في مكان ما هناك من «سيقتل نفسه» ليوظفني. بعد ثلاث سنوات اكتشفت بخيبة أمل كبيرة أن المصنع الذي أريد العمل فيه موجود في سويسرا الغرب وأنّ جنسيتي التي يتغنّى بها كتابا التاريخ والتربية المدنية لن تساعدني على الوصول إليه بالسهولة التي أتخيّلها.
هكذا أخبرني والدي. لكنني بعنفواني الفينيقي الأبي رفضت ما قاله، حتى إنني نعتُّه بالكاذب. فهو لم يكن يحب فينيقيا. سمعته مراراً يصرّح بذلك ويدعو إلى وطن عربي أوحد للجميع. قال لي وقتها إنّ اللبناني ليس مميزاً كفاية كي يفعل ما يريد وإن الوحدة العربية هي الحل لأنّها تقوّي الجميع.
كان والدي يكذب عليّ بالتأكيد. فكتاب التاريخ كان يكرّر علينا في كل سنة دراسية جديدة كيف أنّنا، نحن الفينيقيّين، اخترعنا كل شيء على الكرة الأرضية. وكيف أنّ كل البشر مدينون لنا بتحضّرهم وتخلّفهم على السواء. وأخبرتنا مدرسة التاريخ أنّ اللبناني ليس عليه أن يفعل شيئاً فجيرانه، من تقديرهم له لما أعطاه للبشرية، سيقدمون عربون محبتهم له بطرق مختلفة. كان ذلك في بداية التسعينيات، واكتشفت بعدها كيف شَكَرَنا جيراننا الأعزاء. ما روّعني لاحقاً هو كيف بادلناهم الشكر.